بعيدا كله ، إلا أن طريقة الأصحاب على خلافه ـ والظاهر أنها الأصوب ، لأن التسليم والتسليط إذا كان مبنيا على الوفاء بالمعاملة الواقعة ، ومتفرعا عليها ، كان مسلوب الحكم والأثر بالمرة. فيبقى حكم (على اليد) حينئذ سليما عن المعارض انتهى.
واستشكل السيد رحمهالله في العروة في كتاب الإجارة في ضمان الأجرة مع علم المؤجر ، خصوصا إذا كان المستأجر جاهلا ، خصوصا إذا كان البطلان من جهة جعل الأجرة ما لا يتمول شرعا وعرفا ، أو إذا كان أجرة بلا عوض. وافتى النائيني رحمهالله وأستاذنا كاشف الغطاء بالضمان مطلقا فيما عدا صورة البيع والإجارة بما لا يتمول عرفا وبلا عوض .. هذا ما تمكنا منه من نقل الأقوال.
إذا عرفت هذا فنقول :
أما الصورة الأولى : فظاهر الكلمات الآنفة أنه لا خلاف في الضمان فيها في صورها الأربع إلا من العروة ، فإنه استشكله ، خصوصا مع علم المؤجر وجهل المستأجر ، كما يتضح بالتأمل فيما حكيناه عنه آنفا. والأقوى ما عليه المشهور لعموم قاعدة (على اليد) وغيرها من أدلة أسباب الضمان. والضمان إنما يسقط بالإذن المجاني ، وهو مفقود هنا. فإن التسليم والتسليط مبني بنظر المتعاقدين على الوفاء بالمعاملة شرعا إذا كانا جاهلين ، أو تشريعا إذا كانا عالمين ، أو شرعا من أحدهما وتشريعا من الآخر. وربما يزيد هذا وضوحا عند التكلم في بيع الغاصب لنفسه.
وأما الصورة الثانية : فالمتعين فيها الضمان مطلقا. ونسبه المحقق الرشتي في كلامه المتقدم لظاهر الأصحاب بل صريحهم ، واختاره ، ونسب لبعض شيوخ مشايخه عدم الضمان إذا كان الفساد ناشئا من عدم تمول العوض مع العلم (١).
__________________
(١) قلت : إن كان المراد عدم تموله عرفا أو شرعا ، كان مخالفا في هذه الصورة وفي التي بعدها. وإن كان المراد عدم تموله عرفا ، كان مخالفا للمشهور في الصورة الثالثة فقط ..