الحج المستحب في عام معين ، ثم استطاع في ذلك العام.
ثانيهما : تعليلهم إياه بأن المانع الشرعي كالمانع العقلي. ولو فرض إن تقديم النذر على الحج من حيث أهمية النذر ، لا من حيث اختلال الاستطاعة ، للزم التنبيه على ذلك ، ولوقع القيل والقال في تشخيص الأهم من المهم في الموارد الجزئية التي هي من هذا القبيل. وللزم الجزم بقضاء الحج بعد ذلك الفرض كونه ليس دخيلا في الاستطاعة الشرعية ، فلا يكون موجبا لارتفاع الملاك. وكل واجب يكون تام الملاك لا قصور فيه ، ويكون تركه بعد تنجزه لمانع ليس له دخل في اصل وجوبه ، ويجب الاتيان به وإن خرج وقته. هذا إذا كان موقتا فضلا عما لم يحرز كونه موقتا.
وما يتوهم من كون القضاء بأمر جديد فاسد. لأن الأمر ليس هو الباعث ، والمحرك ، بل الباعث هو الملاكات ، والأمر مظهر لها وكاشف عنها. ومن ثم لو علم العبد بثبوت الملاك ولم ينبعث في ظرف عجز المولى عن البيان حسن عقابه ، وللزم أيضا أجزاؤه عن حجة الإسلام لو عصى الأهم ، أعني النذر بناء على تقديمه على الحج لأهميته ، وأتى بالحج بناء على الترتب ، أو على تصحيح العبادة بالملاك.
هذا مضافا إلى أنه لم يعلم كون النذر أهم من الحج ، لأن النذر وإن كان يتضمن حكما تكليفيا وحكما وضعيا ، وهو تمليك مؤداه لله تعالى ، إلا أن الحج قد يكون مثله في ذلك بقرينة اللام في آيته ، وبقرينة ختامها بإثبات الغنى عن العالمين له سبحانه ، وبقرينة اشتراكه معه في الخروج من أصل التركة ، ويزيد عنه بنعت التارك للحج بالكفر في آيته.
ثم إنه يمكن الاستدلال على اختلال الاستطاعة به ما رواه الصدوق رحمهالله ، بإسناده عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (ع) إنه قال : من قدر على ما يحج به وجعل يدفع ذلك ، وليس له عنه شغل يعذره الله فيه حتى جاء الموت ، فقد ضيع شريعة من شرائع الإسلام. ومثله ما رواه علي بن ابراهيم صحيحا إلى الامام (ع). وجه الدلالة إن النذر شغل يعذره الله به ، وفيه