كالصورة في المرآة ، حتى إذا غافصك في تجلّيه فيها بادرت وقلت إنه فيه ، وقد تدرّع باللّاهوت ناسوتي ، إلى أن يثبّتك الله بالقول الثابت ، فتعرف أن الصورة ليست في المرآة بل تجلّت لها ، ولو حلّت فيها لما تصوّر أن تتجلى صورة واحدة بمرايا كثيرة في حالة واحدة ، بل كانت إذا حلّت في مرآة ارتحلت عن غيرها ، وهيهات فإنه يتجلّى لجملة من العارفين دفعة واحدة ، نعم يتجلى في بعض المرايا أصحّ وأظهر وأقوم وأوضح ، وفي بعضها أخفى وأميل إلى الاعوجاج عن الاستقامة ، وذلك بحسب صفاء المرآة وصقالتها وصحة استدارتها ، واستقامة بسط وجهها ، فلذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تعالى يتجلّى للناس عامة ولأبي بكر خاصة».
ومعرفة السلوك والوصول أيضا بحر عميق من بحار القرآن ، وسنجمع لك الآيات المرشدة إلى طريق السلوك ، لتتفكّر فيها جملة ، فعساك ينفتح لك ما ينبغي أن ينفتح ، فهذا القسم هو الدرّ الأزهر.
القسم الثالث
في تعريف الحال عند ميعاد الوصال
وهو يشتمل على ذكر الرّوح والنعيم الذي يلقاه الواصلون ، والعبارة الجامعة لأنواع روحها الجنة ، وأعلاها لذة النظر إلى الله تعالى ، ويشتمل [أيضا] على ذكر الخزي والعذاب الذي يلقاه المحجوبون عنه بإهمال السلوك ، والعبارة الجامعة لأصناف آلامها