الفصل السادس
في وجه التّسمية بالألقاب
التي لقّب بها أقسام القرآن
ولعلك تقول : أشرت في بعض أقسام العلوم إلى أنه يوجد فيها التّرياق الأكبر ، وفي بعضها المسك الأذفر ، وفي بعضها الكبريت الأحمر ، إلى غير ذلك من النفائس ، فهذه استعارات رسمية تحتها رموز وإشارات خفية.
فاعلم : أن التكلّف والترسّم ممقوت عند ذوي الجد ، فما كلمة طمس إلا وتحتها رموز وإشارات إلى معنى خفيّ ، يدركها من يدرك الموازنة والمناسبة بين عالم الملك وعالم الشهادة وبين عالم الغيب والملكوت ، إذ ما من شيء في عالم الملك والشّهادة إلا وهو مثال لأمر روحاني من عالم الملكوت كأنه هو في روحه ومعناه ، وليس هو هو في صورته وقالبه ، والمثال الجسماني من عالم الشهادة مندرج إلى المعنى الروحاني من ذلك العالم ، ولذلك كانت الدنيا منزلا من منازل الطريق إلى الله ضروريا في حق الانس ، إذ كما يستحيل الوصول إلى اللبّ إلا من طريق القشر فيستحيل الترقّي إلى عالم الأرواح إلا بمثال عالم الأجسام ، ولا تعرف هذه الموازنة إلا بمثال ، فانظروا إلى ما ينكشف للنائم في نومه من الرؤيا الصحيحة التي هي جزء من ستة