الفصل الثاني عشر
في أسرار الفاتحة
وبيان جملة من حكم الله في خلقه
وإذا تفكرت وجدت الفاتحة على إيجازها مشتملة على ثمانية مناهج :
(١) فقوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(١) : نبأ عن الذّات.
(٢) وقوله (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : نبأ عن صفة من صفات خاصة ، وخاصيّتها أنها تستدعي سائر الصفات من العلم والقدرة وغيرهما ، ثم تتعلق بالخلق ، وهم المرحومون ، تعلّقا يؤنسهم به ، ويشوّقهم إليه ، ويرغّبهم في طاعته ، لا كوصف الغضب ، لو ذكره بدلا عن الرحمة فإن ذلك يحزن ويخوّف ، ويقبض القلب ولا يشرحه.
(٣) وقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٢) : يشتمل على شيئين :
أحدهما : أصل الحمد وهو الشكر ، وذلك أول الصراط المستقيم ، وكأنه. شطره ، فإن الإيمان العملي نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر ، كما تعرف حقيقة ذلك إن أردت معرفة ذلك باليقين من كتاب «إحياء علوم الدين» لا سيما في كتاب الشكر والصّبر منه ، وفضل
__________________
(١) الآية ١ / من سورة الفاتحة.
(٢) الآية ٢ / من سورة الفاتحة.