نَعْبُدُ) إشارة إلى تحلية النفس بالعبادة والإخلاص ، وقوله (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) إشارة إلى تزكيتها عن الشّرك والالتفات إلى الحول والقوة.
وقد ذكرنا أن مدار سلوك الصراط المستقيم على قسمين : أحدهما : التّزكية بنفي ما لا ينبغي ، والثاني : التحلية بتحصيل ما ينبغي ؛ وقد اشتمل عليهما كلمتان من جملة الفاتحة.
(٧) وقوله (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(١) سؤال ودعاء ، وهو مخّ العبادة ، كما تعرفه من الأذكار والدعوات من كتب «الإحياء» وهو تنبيه على حاجة الإنسان إلى التّضرّع والابتهال إلى الله تعالى ، وهو روح العبوديّة ، وتنبيه على أن أهمّ حاجاته الهداية إلى الصراط المستقيم ، إذ به السلوك إلى الله تعالى كما سبق ذكره.
(٨) وأما قوله (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)(٢) إلى آخر السورة :
فهو تذكير بنعمته على أوليائه ، ونقمته وغضبه على أعدائه ، لتستثير الرغبة والرهبة من صميم الفؤاد. وقد ذكرنا أن ذكر قصص الأنبياء والأعداء قسمان من أقسام القرآن عظيمان.
وقد اشتملت الفاتحة من الأقسام العشرة على ثمانية أقسام :
(١) الذات (٢) والصفات (٣) والأفعال (٤) وذكر المعاد (٥) والصراط المستقيم بجميع طرفيه أعني التزكية والتحلية (٦) وذكر نعمة الأولياء (٧) وغضب الأعداء (٨) وذكر المعاد. ولم يخرج منه
__________________
(١) الآية ٦ / من سورة الفاتحة.
(٢) الآية ٧ / من سورة الفاتحة.