الفصل الرابع عشر
في كون آية الكرسيّ سيّدة آي القرآن
وبيان الاسم الأعظم
فأقول : هل لك أن تتفكر في آية الكرسي أنها لم تسمّى سيدة الآيات ، فإن كنت تعجز عن استنباطه بتفكّرك فارجع إلى الأقسام التي ذكرناها والمراتب التي رتّبناها. وقد ذكرنا لك أنّ معرفة الله تعالى ومعرفة ذاته وصفاته هي المقصد الأقصى من علوم القرآن ، وأن سائر الأقسام مرادة له وهو مراد لنفسه لا لغيره ، فهو المتبوع وما عداه التّابع ، وهي سيدة الاسم المقدّم الذي يتوجه إليه وجوه الأتباع وقلوبهم فيحذون حذوه وينحون نحوه ومقصده ، وآية الكرسي تشتمل على ذكر الذّات والصفات والأفعال فقط ليس فيها غيرها :
فقوله : (اللهِ) : إشارة إلى الذات.
وقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : إشارة إلى توحيد الذات.
وقوله : (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) : إشارة إلى صفة الذات وجلاله ، فإن معنى القيّوم هو الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره ، فلا يتعلق قوامه بشيء ويتعلق به قوام كل شيء ، وذلك غاية الجلال والعظمة.
وقوله (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) : تنزيه وتقديس له عما يستحيل