الفصل الخامس عشر
في علّة كون سورة الإخلاص
تعدل ثلث القرآن
وأما قوله عليهالسلام «(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث» القرآن فما أراك أن تفهم وجه ذلك ؛ فتارة تقول : هذا ذكره للترغيب في التلاوة وليس المعنى به التقدير ، وحاشا منصب النبوّة عن ذلك ؛ وتارة تقول : هذا بعيد عن الفهم والتأويل ، وأن آيات القرآن نزيد على ستة آلاف آية ، فهذا القدر كيف يكون ثلثها؟ وهذا لقلّة معرفتك بحقائق القرآن ، ونظرك إلى ظاهر ألفاظه ، فتظن أنها تكثر وتعظم بطول الألفاظ وتقصر بقصرها ، وذلك كظنّ من يؤثر الدراهم الكثيرة على الجوهر الواحد ، نظرا إلى كثرتها.
فاعلم أنّ [سورة] الإخلاص تعدل ثلث القرآن قطعا ، وارجع إلى الأقسام الثلاثة التي ذكرناها في مهمّات القرآن ، إذ هي : معرفة الله تعالى ، ومعرفة الآخرة ، ومعرفة الصراط المستقيم ، فهذه المعارف الثلاثة هي المهمة والباقي توابع ؛ وسورة الإخلاص تشتمل على واحد من الثلاث ، وهو معرفة الله وتوحيده وتقديسه عن مشارك في الجنس والنّوع ، وهو المراد بنفي الأصل والفرع والكفؤ ، ووصفه بالصّمد يشعر بأنه الصّمد الذي لا مقصد في الوجود للحوائج سواه ،