تلك الرّوابط انّما هى حالات وخصوصيّات في متعلّقاتها فإن كانت تلك المتعلّقات في الخارج فهى لها في الخارج فان كانت في الذهن فهى لها فى الذّهن بنحو قيامها بها في الخارج ففى نحو سرت من البصرة الى الكوفة انّما اعتبرت الخصوصيّات للسّير الخارجى وفي نحو سر من البصرة الى الكوفة اعتبرت في السّير الملحوظ ذهنيّا بحيث يحب ايجاده كذلك في الخارج وتلك الإضافات حيث لا يتصوّر الّا بتبديلها الى المعانى المستقلّة بالمفهوم لا بدّ للواضع في مقام الوضع ان يتصوّرها كذلك وذلك المراد من العموم في مورد الوضع ويكون الموضوع له هى الخصوصيّات الّتى لا بدّ من تحقّقها في متعلّقاتها ولا محالة يكون خاصّا وبعبارة اخرى يكون الموضوع له هى المصاديق من ذلك المفهوم الكلّى المغاير له مفهوما وإن كان مصداقا له بحسب الحمل الشائع وما ذكرنا ممّا يقتضيه التدبّر ونقول بعد ذلك انّه لا اشكال عندهم ولا خلاف في انّ الحروف مستعملة في المعانى الخاصّة قال في البدائع انّ ظاهر الفريقين الاتّفاق على انّ هذه الألفاظ دائمة الاستعمال في جزئيّات ذلك المعنى العام الملحوظ في حال الوضع فلا يجوز استعمالها في ذلك المعنى العام ابدا ولا ينبغى التأمل في انّ تلك الاستعمالات لا يحتاج الى عناية والوجدان شاهد على انّ استفادتها من تلك الحروف لا من القرائن والخصوصيّات فتلك شاهدة على انّها الموضوع له اذ لو لم تكن كذلك لما كاد يكون كذلك كما هو ظاهر مع انّه لا يكاد تستعمل في تلك المعاني الملحوظة حال الوضع ولا يوافقه اللّسان في الاستعمال ولم يدع جوازه احد ولو مع القرينة ولو كان ذلك من جهة شرط الواضع فمع انّ دعواه على الواضع دعوى بلا بيّنة تمنع توقّف الاستعمال على اذنه وعدم منعه ويجوز الاستعمال بمجرّد الوضع ولو كان يمنعه مع انّه لو اراد عدم الاستعمال فيه لم يكن يوضع اللّفظ بازاه ففعله ح يعدّ سفها عبثا وكذلك ما قد يقال من انّ عدم الاستعمال انّما هو من جهة قصور تلك المعانى الكليّة عن صلاحيّة الاستعمال وذلك لوضوح فساد ذلك حيث انّ حالها كحال ساير المعاني مع انّ هنا الفاظ خاصّة تستعمل فيها كلفظ الابتداء واللّفظ لا يوجد القابليّة في المعنى ولعمرى ذلك واضح للمتأمّل ثم انّه لتوضيح الحال وتتميم المقال نذكر امورا.
[الأمر] الأوّل : انّ معانى الحروف على ما ذكرنا عن النّسب الخاصّة لا مجالة يختلف باختلاف متعلّقاتها فباختلافها يختلف معنى من مثلا فيكون من متعدّدا المعنى غاية الأمر انّ ذلك بوضع واحد اجمالي لا باوضاع متعدّدة وتقسيمهم المتعدّد المعنى الى المشترك والمنقول والحقيقة والمجاز بنحو الحصر في ذلك لا ينافي ما ذكرنا لإمكان كون المشترك في كلامهم اعم مع انّ هذا التّقسيم وقع في كلام جماعة ليس حصرهم في ذلك دليلا علينا وليس اجماعيّا لأهل العربيّة مع تحقيق جماعة بمثل ما ذكرنا ولم يعرف من القائلين بهذا التّقسيم انّ مرادهم من المشترك ما لا يشمل ما ذكرنا فتدبّر.
[الأمر] الثاني : الوضع للجزئيّات الخاصّة مع كونها متكثّرة جدّا وخارجة عن حد الحصر والضّبط لما كان بوضع واحد عام كان ذلك بمكان من الإمكان فلا وقع لما قد