من التوهّم بقوله والحق انّ دعوى الوضع والتعيين لكلّ جزئي جزئى دفعة واحدة بملاحظة الكلّي كما يزعم هؤلاء حتّى يكون الوضع عامّا لخاصّ بمكان من البعد عن طريق الوضع واقصى ما علم من ذلك انّها لا تستعمل الّا في الجزئيّات وذلك كما يحتمل ان يكون الوضع لها ابتداء على ما يقول هؤلاء كذلك يحتمل ان يكون للقدر المشترك بينهما وخصّ بها لداع كما يقول الباقون بل الظّاهر ذلك فانّ المشتبه يلحق بالأعم الأغلب مع انّ ائمّة اللّغة والعربيّة لا يعرفون سواه وهو قولهم انا للمتكلّم وحده ومن للابتداء ولذلك لم يعدّوه في متكثّر المعنى فكيف يدعى مع قيام هذا الاحتمال بل ظهوره انّها موضوعة للجزئيّات وهل هذا الّا ترحّم على الواضع وكيف يثبت الوضع بمجرّد الاحتمال بل ظهوره وانّما طريقة النّقل وما يوجب العلم انتهى المحكى عنه والكلام معه نقضا وابراما ممّا لا نحتاج اليه خصوصا مع ما قدّمناه نبذا منه والنّاظر يكفيه النّظر والتامّل خصوصا مع ما ذكره في البدائع من انّ النّزاع في هذه المسألة عديمة الجدوى علما وعملا.
قوله : الثّالث صحّة استعمال اللّفظ فيما يناسب ما وضع له الخ اقول مصحّح الاستعمال بالنّسبة الى المعنى الغير الموضوع له هو المناسبة الطّبيعيّة بينه وبين الموضوع له بلا احتياج الخ وضع وتعيين من الواضع نوعا ولا يتوقّف صحّة الاستعمال على نقل النّوع ولا نقل الشّخص بل جوازه طبيعى يحكم به طبع اهل المحاورة للمناسبة الّتى يراها بينه وبين الموضوع له وان لم يكن تلك المناسبة ناشية عن العلاقات المعروفة المدوّنه والمنقول عن الأكثر انّ المجاز لا بدّ له من وضع نوعى ونقل عن البعض بلزومه للوضع الخاص بحيث لا بدّ ان ينقل آحاد الغير الموضوع عن الواضع وعليه فالمجازات الخاصّة الّتى لم ينقل من الواضع من الأغلاط وان وقعت في السّنة الفصحاء من المتأخّرين وحصرت العلاقة في لسانهم في خمسة وعشرين والتّحقيق وفاقا لجماعة من المحقّقين هو ما ذكرنا من عدم الاحتياج الى وضع من الواضع ولو نوعا والدّليل من وجوه
[الوجه] الأوّل : انّا نرى بالوجدان جواز استعمال اللّفظ الموضوع للشّمس في الوجه الحسن في اىّ لغة كانت بلا توقّف على اذن من الواضع وان شئت توضيح ذلك اختبر في حال نفسك بالنّسبة الى ما كنت واضعه من الأعلام واسماء المخترعات حيث انّه لم يخطر في ذهن الواضع ما يناسبه ويشابهه ويستعمل المستعمل في المشابه بلا نكير فلو احتياج الاستعمال الى ملاحظة الواضع النوع او الشّخص لا يكاد يصحّ الاستعمال قبل ملاحظة الواضع ولا قبل العلم به بل ذلك صحيح مع منع الواضع عن الاستعمال لا يخفى عليك انّ الدّليل على المطلوب يتمّ بما ذكرنا من جواز الاستعمال مع عدم وضع الواضع سواء منع عن الاستعمال ايضا ام لا ولو وضع المعنى المجازى يصحّ مع المنع عنه ايضا اذ منعه لا يكاد يثمر بعد تحقّق الوضع والعلاقة فالمنع لا مدخليّة له في الاستدلال على منع التوقّف لو كان مع عدم الوضع فقول المص بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ولو مع منع الواضع عنه ان اراد المنع مع وضعه