المراجعة الى عبارات القائلين بالوضع المركّب بل ذلك هو المصرّح به في كلام بعضهم وراجع كلام نجم الأئمّة في مواضع منها في تعريف الكلمة وكلام صاحب القوانين قوله : لا يخفى انّ تبادر المعنى من اللّفظ الخ اقول التّبادر من المبادرة بمعنى المسابقة وقد يعرف كما فى كلام المص بسبق المعنى الى الذهن وقد يعرف بسبق الذّهن من اللّفظ الى المعنى وقد يقال الأنسب بالنّسبة الى السّبق الّذى هو التقدّم هو التّعريف الثّاني لا نسبة السّبق الى شيء يلزم كونه منتقلا وهو مناسب للذّهن لأنّه ينتقل من حال الغفلة الى الالتفات والمراد سبق الذّهن الى المعنى الخاص من بين المعاني الّا انّه لا مسبوق عليه على هذا التقدير لأن السبق يلزمه المسبوق عليه وهو مثلا ساير الأذهان له سبق على الأذهان الأخر الى هذا المعنى فيكون الأسناد من هذه الجهة مجازا وهذا لا يلزم بالنّسبة الى المعنى الأخر لأنّ المسبوق عليه ساير المعانى فالمعنى الخاص يسبق على ساير المعانى الى الذّهن المتكلّم ويمكن ان يقال انّه من باب تنزيل الفعل المتعدّى منزلة اللّازم اذ لا يراد هنا حيث المسبوق عليه اصلا فكان المسابقة هنا استعمل في نفس التّوجه اليه وليس هذا مجازا بل النّظر الى هذه الحيثيّة فكيف كان فلكلّ منها وجه فتدبّر قوله : لا يقال كيف يكون علّامة الخ اقول توضح المطلب انّ انسباق المعنى من بين المعاني لا بدّ له من سبب وليس السّبب الّا الوضع لأنّ المناسبة الذّاتيّة لا نقول بها فلا محالة يكون سببه الوضع فيكون ذلك للعالم بالوضع اذ مع عدم العلم لا يكاد ينسبق المعنى فلو كان العلم بالوضع متوقّفا على ذلك يلزم الدّور
[وجوه الإجابة عن الدور :]
وقد يجاب عن ذلك بوجوه :
[الوجه] الاول : ان انسباق المعنى لا يتوقّف على الوضع لأنّ ذلك استيناس قد يحصل من كثرة الاستعمالات وآل الأمر بفهمه من اللّفظ كذلك ولا يخفى عليك انّ الاستعمال مع القرينة وان صار بمرتبة المشهرة لا يصير سببا لفهم المعنى من حاق اللّفظ بلا قرينة الّا اذا صار حقيقة بالوضع التعيّنى
[الوجه] الثّاني : ما اشار اليه بقوله فانّه يقال الموقوف عليه غير الموقوف عليه يعني الموقوف على التّبادر غير الموقوف عليه فانّ العلم التّفصيلى بكونه موضوعا موقوف على التّبادر وهو اى التّبادر موقوف على العلم الإجمالي الارتكازي لا التّفصيلى وهذا نظير ما ذكروه فى دفع الدّور من الشّكل الأوّل من الفرق بالإجمال والتّفصيل وقد يشكل ذلك بانّ المقام لا ربط له بما ذكره في الشّكل الأوّل من الإجمال والتّفصيل لأنّ الإجمال فيه انّما هو لكليّة الكبرى اللّازم منها العلم بجميع جزئياته والتّفصيل انّما هو بسبب ضمّ الصّغرى فمع قطع النّظر عن الصّغرى يكون العلم بحدوث العالم بكليّة الكبرى فيكون العلم به غير مفصّل واذا التفت الى الصّغرى اعنى العالم متغيّر يكون العلم الحاصل بحدوث والعالم مفصّلا وامّا في المقام فليس الّا فهم المعنى من ذلك اللّفظ الخاص وذلك لا يمكن الّا مع العلم بكونه موضوعا له ولا يكاد يصير هذا تفصيلا بضمّ خصوصة اخرى كما في الصّغرى من الشّكل الأوّل ولذا قيل برجوع هذا الجواب