الى جواب ثالث [أو الوجه الثالث] : وهو انّ المتوقّف على التّبادر هو العلم بالعلم بالوضع وانّ الّذى يتوقّف عليه التّبادر هو العلم بالوضع وقد يشكل ذلك بانّ الالتفات الى ذلك العلم لا يمكن ان يكون سببه ذلك العلم ولا ما يتوقّف عليه لأنّ العلم بالعلم ليس الّا العلم بالنّسبة الجزئية بين الموضوع والمحمول فاذا كان ذلك متوقّفا على التّبادر المتوقّف على العلم بتلك النّسبة مستلزم للدّور الواضح ولا يخفى عليك انّ فهم المعنى من اللّفظ وإن كان متوقّفا على العلم بالوضع الّا انّه متوقّف على حقيقته لا على الالتفات به فربّما لا يخطر الوضع في قلبه بل ربّما ان سئل عنه معنى اللّفظ يصير متامّلا الّا انّه لو فرغ ذهنه وسمع اللّفظ انتقل الى المعنى فالّذى يتوقّف عليه التّبادر هو العلم بالوضع ولو كان ذلك بنحو الارتكاز والمتوقّف على التّبادر هو الالتفات الفعلى الى ما وضع له اللّفظ فالفرق بين العلمين بالفعليّة والقويّة والشّأنيّة ولا باس بتسميته بالتّفصيلى والإجمالي وان كان الإجمال والتّفصيلى هنا مختلفا مع الإجمال والتّفصيل الكائنتان فى الشّكل الأوّل الّا انّ كل ما كان من الاختلاف بينهما كان يرفع به الدّور ثمّ اعلم انّ من التّبادر ما يسمّى بالتّبادر الإطلاقي وهو ما يكون التّبادر بسبب اطلاق اللّفظ كما في انصراف المطلق وسبب الانصراف قد يكون غلبة الوجود وقد يكون اكمليّة بعض الأفراد وقد يكون كثرة الاستعمال وغلبته فيه وسببيّة الأوّلين للانصراف ممنوع والأخير مسلّم ولكنّه يكون ذلك بتوسّط القرينة وبعبارة اخرى كثرة استعمال المطلق في بعض افراده إن كان لا لاجل خصوصيّة الفرديّة فلا يكاد ان يكون مستعملا في الفرد وإن كان مستعملا في خصوصيّة الفرد فلا محاله يكون ذلك لأجل القرينة فكثرة الاستعمال مع القرينة لو وصل بمرتبة النّقل لا نقلب الأمر الى الحقيقة والّا فلا يكاد بصير سببا للتّبادر من حاق اللّفظ في غير مورد القرينة وحال المطلق حال المجاز المش في ذلك وتوضيح المقام كما عن بعض المحقّقين انّ المطلقات المنصرفة الى الأفراد الشّائعة ليست موضوعة لها بل باقية على وضعها للطّبيعة الكليّة ومع ذلك تتبادر منها تلك الأفراد وفيها اقوالا ثلاثة الأوّل انّ المطلق ظاهر في ارادة الأفراد الشّائعة الثاني انّ المطلق ظاهر في الطّبيعة الّا انّ انفهام كون الأفراد الشّائعة مراده بقرينة الغلبة بمعنى انّ الغلبة دالّة عليها وبعبارة اخرى انّ انصراف المطلقات الى الأفراد الشّائعة من باب دالّين ومدلولين فانّ المطلق مستعمل في الطّبيعة واريد الخصوصيّة اعنى خصوصيّة الأفراد الشّائعة من الخارج عن اللّفظ الثّالث التّوقف بمعنى انّ غلبة ارادة الأفراد الشّائعة من المطلقات اوجبت فيها الإجمال واسقطتها عن ظهورها في الطّبيعة المعراة لكن لما كانت الأفراد الشّائعة متيقّنة الدّخول في المراد فحمل المطلق عليها فاذا عرفت الأقوال فلا ريب انّ التبادر من الأصل ممنوع في الأخيرين امّا على الثّاني فلكون المطلق ظاهرا في معناه الحقيقى وهى الطّبيعة لا في الأفراد الشّائعة وامّا على الثّالث فلانّه لا ظهور اصلا فينحصر التّبادر في الأول وهو ايضا مستند الى الغلبة لا الى