في تدوين الأصول ذكر ما يفيد للفقيه في الاستنباط او كان مرجعه بعد العجز عنه فيكون جميعها داخلا في العلم وليكشف عن ذلك ذكرهم ايّاها في الكتب الممهّدة من المسائل وان اغمضوا عنه في مقام التّعريف بل وان لم نستكشف ذلك عنهم نقول انّ اللّائق في العلم ان يكون كذلك لأنّ الفقيه محتاج اليهما بل احتياجه الى الثّاني اشدّ فتيقحه فيما هو بمنزلة المقدّمة والأصل له اولى واحرى فيكون الأصول العمليّة ايضا من المسائل بل ما يتجدّد ويختلف من المسائل ايضا منه وان لم يكن منه قبل ذلك فان قيل اىّ فرق بين الاستصحاب اذا قلنا باستفادته من الأخبار والبراءة الشرعيّة وقاعدة الطّهارة وقاعدة الضّرر حيث انّ الأوّلتان اصوليّتان والأخيرتان فقهيّتان قلنا الفرق انّ الأوّلتان تستعملان في تحصيل الحكم وفيما اذا كانت الشّبهة حكميّة وتنقيح موارده مختصّ بالمجتهد بخلاف الأخيرتين اذ ليس بعد الحكم بهما الّا تطبيق الموارد بهما فيما اذا اشتبها فيكون جميع المكلّفين فيه شرع سواء وقد يختلف المقلّد مع مفتيه في مورد خاص وكيف كان كلّ ما يختصّ اعماله بالمجتهد في طريق الحكم وتعيين الحكم به فهو مسئول عنه في الأصول وما لا دخل له في الحكم وإن كان يستعمل في تعيين افراده وموضوعاته ويكون الكل فيه مشتركا وما كان له اختصاص بالمجتهد فهو مسئول عنه في الفقه كجميع المسائل مع كليّتها وان شئت توضيحا في ذلك نقول انّ الاستصحاب مثلا فيما اذا كانت الشّبهة حكميّه لا بدّ له من يقين بالحكم سابقا وشكّ فيه لا حقا وهذا اليقين والشّك وظيفة المجتهد اذ هو الّذى يعلم بثبوت الحكم من دليله ويرى عدم دلالة الدّليل على الحكم في الزّمان الثّانى ولا يرى دليلا آخر عليه في هذا الزّمان اثباتا ونفيا بعد التفحّص في الأدلّة فيستصحب وكذلك الحال في البراءة عند الشكّ في الحكم اذ هو الّذي لا بدّ له من الفحص عن الحكم من الأدلّة فبعد عدم وجدان دليل على وجوبه او حرمته يحكم بالبراءة وكذلك الحال في جميع ما كانت الشّبهة فيه حكميّه بخلاف ما اذا كانت الشّبهة موضوعيّة فانّه ليس من شغل الفقيه من غير فرق في ذلك بين الاستصحاب وغيره من القواعد الكلّية كما انّ قاعدة الطّهارة فيما كانت الشّبهة حكميّة لم يكن من المسائل الفقهيّة وكانت ممّا ينتهى اليها في مقام العمل على ما ذكره المص في اوّل البراءة ولكنّه لم يبحث عنها لكونها ثابتة بلا كلام ومختصّة ببعض من الأبواب وكيف كان فهذا هو الفرق بين المسائل الأصوليّة والفقهيّة فظهر ممّا ذكرنا انّ موضوع علم الأصول لا وجه ان يجعل ذوات الأدلّة او بما هو ادلّة لخروج البحث عن الأصول العقليّة حيث انّه لم يستنبط منها حكم شرعى اذ ليس مفادها حكما شرعيّا وكذلك الظّن على تقدير الحكومة بل انّما هو عذر عند المخالفة ولا العمليّة منها لعدم وقوعها في طريق الاستنباط فتحصل من جميع ما ذكرنا انّ موضوع الأصول هو القدر المنتزع عن موضوعات المسائل بلحاظ مراتبيّة وحكايته عن حقيقة الموضوع اى يصير الموضوع في الحقيقة نفس موضوعات المسائل ونعبر عنها به من جهة