إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩)
فرسخ في فرسخ بقدر عسكر موسى عليهالسلام. وهو في العربيّة كلّ جبل ينبت. والسّبب في رفعه امتناعهم من الكتاب لما فيه من صفة محمّد صلىاللهعليهوآله والبشارة به وبعثته وتصديقه. وكان الواحد منهم لا يزال رافعا بصره شاخصا إليه ، خوفا من سقوطه عليه. وقيل : ابتلاهم الله تعالى ببحر من خلفهم وبنار من قبل وجوههم وبرفع الجبل على رءوسهم. وقيل لهم : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) ؛ أي : كارهين. (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) من الثواب والعقاب والأمر والنهي لتتّقوا المعصية.
[٦٤] (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) لكم بتأخير العقاب. (الْخاسِرِينَ) : المغبونين بالعقوبة.
[٦٥] (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا) ؛ أي : علمتم خبرهم وحيلتهم لصيد الحيتان. و (اعْتَدَوْا) : تجاوزوا الحدّ. حرّم الله عليهم يوم السّبت فكانت لا تأتيهم إلّا فيه ، فحبسوها يوم السّبت وصادوها يوم الأحد في زمن داود في قرية أيلة حاضرة البحر. (قِرَدَةً) : جمع قرد. (خاسِئِينَ) : متباعدين. من خسأت الكلب. قيل : أقام المسوخ ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا. وقيل : سبعة.
[٦٦] (نَكالاً) : عقوبة. (لِما بَيْنَ يَدَيْها) : صيد الحيتان. وقيل : لما مضى من ذنوبهم. (وَما خَلْفَها) من المعاصي بعد ذلك. وقيل : لما بعدهم من بني إسرائيل أن يستنّوا بسنّتهم. وقيل : جعلنا القرية وأصحابها نكالا وعبرة (لِما بَيْنَ يَدَيْها) من القرى (وَما خَلْفَها) من القرى. (وَمَوْعِظَةً) : زجرا.
[٦٧] (أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً). قيل : إنّما أمروا بذبحها لأنّها من جنس ما عبدوه. والسّبب أنّ أخوين من بني إسرائيل قتلا ابن عمّهما ليرثاه ووضعاه بين قريتين فأخذه أهل إحداهما. فلمّا أصبحوا فاتّهماهم بقتله. فحلفوا بالله أنّهم ما قتلوه ولا علموا قاتله. فسألوا موسى أن يسأل الله تعالى أن يطلعهم على قاتله. فأمرهم موسى أن يذبحوا بقرة فقالوا لموسى : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً). لأنّه ليس في ظاهر قوله جواب لسؤالهم. فقال لهم موسى : (أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) المستهزئين ، بل الله أمركم بها وأن تضربوه ببعضها فيحيى المقتول فيخبركم بقاتله. فقالوا لموسى : [٦٨] (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) : ما سنّها وما لونها؟ قال موسى : (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ) : مسنّة كبيرة. (وَلا بِكْرٌ) : صغيرة. (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) ؛ أي : هي عوان بين الصّغيرة والكبيرة. أي : وسط.
[٦٩] (فاقِعٌ لَوْنُها) ؛ أي : خالص مشبع حتّى ظلفها وقرنها أصفران. وقيل : سوداء حتّى قرنها وظلفها أسودان. ومنه : (جِمالَتٌ صُفْرٌ)(١) ؛ أي : سود. وقيل : صاف. وقيل : لامع. (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) : تعجبهم.
__________________
(١) ـ المرسلات (٧٧) / ٣٣.