ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠) وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١١١) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)
[١٠٦] (نَنْسَخْ) : نبدّل. (نُنْسِها) : نتركها غير منسوخة كما هي. (بِخَيْرٍ مِنْها) : بأخفّ وأهون على النّاس. (أَوْ مِثْلِها) في المنفعة. ومن همز «ننساها» فمعناه : نؤخّرها غير منسوخة. ومن قرأ : (نُنْسِها) ؛ أي : نؤخّر حكمها ونرفع رسمها وتلاوتها (١). والنسخ في القرآن على ثلاثة أوجه : رفع الحكم مع بقاء التلاوة ؛ كآية النجوى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ)(٢). الثاني : رفع التلاوة. وروي عن أبي موسى الأشعريّ أنّه قال : كنّا نقرأ على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله سورة فأنسيتها فلم أحفظ منها إلّا آية واحدة قوله تعالى : («يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون». وسورة أخرى : «لو كان لابن آدم واديان من مال ، لتمنّى لهما ثالثا. ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب. ويتوب الله على من تاب». والثالث : رفعهما معا. لمّا أمروا باستقبال بيت المقدس وبصيام يوم عاشوراء ، رفع الحكم والتلاوة. ونسخ القرآن بالسّنّة جائز لأنّها دليل كالقرآن. وقيل : لا يجوز.
[١٠٧] (أَلَمْ تَعْلَمْ). تقرير وإيجاب.
[١٠٨] (تُرِيدُونَ). توبيخ. (أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ) محمّدا صلىاللهعليهوآله. نزلت في عبد الله بن أميّة المخزوميّ ورهط من قريش قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوآله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) ـ الآيات (٣).
(كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) في قول السبعين له : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(٤). وقيل : قال كفّار قريش له : اجعل لنا الصّفا ذهبا وفضّة ، وارفع لنا الجبال عن مكّة حتّى نتّبعك. فلم يجبهم. لأنّه لو فعل ، لم يتّبعوه. (سَواءَ السَّبِيلِ) : وسط الطريق.
[١٠٩] (وَدَّ) : أحبّ. (كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : فيحاص بن عازوراء وأزيد بن قيس. دعوا عمّار بن ياسر وحذيفة بن اليمان بعد قتال أحد وقالا لهما : ارجعا عن دينكما هذا إلى دينكما الأوّل. (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) : أعرضوا عنهم. (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) : بقتل بني قريظة وإجلاء بني النضير (٥).
__________________
(١) ـ في جميع النسخ زيادة : «أو ننساها نتركها أصلا وحكما».
(٢) ـ المجادلة (٥٨) / ١٢.
(٣) ـ الإسراء (١٧) / ٩٠ ـ ٩٣.
(٤) ـ النساء (٤) / ١٥٣.
(٥) ـ في جميع النسخ زيادة : «عن الكتابين».