المتبادر منها ليس الّا المعانى الخاصّة وانّها لا تستعمل الّا فيها ومنهم من انكر ذلك وقال بوضعها بازاء معانيها الكلّية واستدلّ عليه بوجوه الأوّل انّ اهل اللّغة صرّحوا بذلك حيث قالوا انا للمتكلّم ومن للابتداء وفيه ان ذلك منهم محمول على ما مرّ للقطع بانّها لم تستعمل فى تلك المعانى قطّ الثّانى انّ احدا لم يذكر تلك الألفاظ فى متكثّر المعنى وفيه انّ عدم ذكر المتقدّمين مبنى على طريقتهم حيث لم يثبتوا هذا القسم فتبعهم المتأخرون تسامحا الثّالث انّ وضعها للجزئيات يقتضى اوضاعا غير متناهية وهو محال وفيه انّ وضعها للجزئيّات اجمالى فلا يلزم تعدد الوضع فضلا من عدم تناهيه ثم اعلم انّ اللّفظ الموضوع ان عيّن من حيث الخصوصيّة فالوضع شخصىّ وهذا ظاهر والّا فنوعىّ ومنه وضع اكثر صيغ المشتقّات فانّ التّحقيق انّ منها ما هو موضوع بالوضع الشّخصى كالمفرد المذكر الغائب المبنى للفاعل من الماضى والمضارع المجرّدين فانّ اختلاف هيئاتهما فى المواد المختلفة مع عدم قدر جامع بين ما اتّفق منها فيها يوجب كونهما موضوعين بالوضع الشّخصى وكون افعال السّجايا موضوعة على الضّم على تقدير ثبوت الاطراد فيها لا يجدى فى غيرها ومنها ما هو موضوع بالوضع النّوعى كسائر صيغ الماضى والمضارع وجملة صيغ الامر واسم الفاعل والمفعول فانّ التّحقيق انّ الواضع لاحظ كلّ نوع منها مما له قدر جامع بعنوان كلّى وهو ذلك القدر الجامع ووضع كلّ واحد من خصوصيّاته الملحوظة تفصيلا او اجمالا على ما مرّ بازاء معاينها المعهودة وعلى هذا فالمشتقّات تدلّ على معانيها من الحدث والزّمان والنّسبة وغيرهما بوضع واحد شخصىّ او نوعىّ هذا ما يساعد عليه التحقيق والمعروف بينهم انّ مواد المشتقّات اعنى حروفها الاصليّة موضوعة بالوضع الشخصى لمعانيها الحدثية وهيئاتها موضوعة بالوضع النّوعى للمعانى الزّائدة عليها من الزّمان والنّسبة او غيرهما بمعنى انّها موضوعة كذلك فى كلّ مادّة للمعنى اللّاحق لمعناها من حيث الخصوصيّة ويشكل بانّهم ان ارادوا انّ المواد موضوعة بوضع المصادر فيتضح الفساد لانّ هيئات المصادر معتبرة فى وضعها لمعانيها قطعا وان ارادوا انّها موضوعة للمعانى الحديثة يوضع آخر مشروط باقترانها باحدى الهيئات المعتبرة لئلّا يلزم جواز استعمالها بدونها فبعيد جدّا
فصل
قد يطلق اللّفظ ويراد به نوعه مطلقا او مقيّدا كما يقال ضرب موضوع لكذا او فعل او انّه فى قولك زيد ضرب خبر اذا لم يقصد به شخص القول وقد يطلق ويراد به فرد مثله كقولك زيد فى قولك ضرب زيد فاعل اذا اريد به شخص القول وربّما يرجع هذا كسابقه الى القسم الاوّل اذا كانت الخصوصيّة مستفادة من خارج وامّا لو اطلق واريد به شخص نفسه كقولك زيد لفظ اذا اردت به شخصه ففى صحّته بدون تاويل نظر لاستلزامه اتحاد الدّالّ والمدلول او تركب من جزءين مع عدم مساعدة الاستعمال عليه ثم الدّلالة المذكورة ليست بالوضع والّا لكانت جميع الألفاظ موضوعة لاشتراكها فى هذه الدلالة وهو ظاهر الفساد وايضا يلزم ان يكون جميع الالفاظ الموضوعة مشتركة وهو