ثمّ ما يقال بعدم جواز رجوع من له ملكة الاجتهاد إلى الغير ، بل عليه الاجتهاد الفعلي أو الاحتياط فعمدة أدلّته ، أنّ هذا الشخص له علم إجمالي أنّه سيقع في مسائل يبتلى بها ، فلو أراد أن يفعل بقول الغير ، فإنّه يشكّ في حجّية قوله بالنسبة إليه ، والشكّ فيها مساوغ لإنكارها ، فلا يصحّ الرجوع حينئذٍ.
وأُجيب أنّ من له الملكة لو سأل عن تقليده للآخرين ، فإنّه سيجيب أنّه لم يكن له علم بتكاليف اخرى غير التكاليف التي عيّنها المجتهد الآخر ، أو أنّه يحتمل أنّ بعض التكاليف مطابقة للواقع ، فينحلّ العلم الإجمالي الكبير إلى الصغير ، فيأخذ بالقدر المتيقّن ويجري البراءة في الزائد المشكوك.
عودٌ على بدء :
وبعبارة اخرى : قيل لا يجوز رجوع المجتهد بالملكة إلى غيره ، فإنّ أدلّة مراجعة الجاهل إلى العالم وتعلّم المسائل المبتلى بها لا تعمّ هذا المجتهد ، فإنّما يرجع العامي إلى المجتهد باعتبار حدس العالم وحجّيته باعتبار السيرة العقلائيّة ، فمن كان له الحدس كيف يرجع إلى الآخرين ، فلا يرجع أهل الخبرة إليهم.
وأُجيب :
أوّلاً : جواز التقليد لا يبتني على هذه السيرة العقلائيّة ، كما أنّه ليس من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ، وإنّ رجوع الجاهل إلى العالم من الأُمور الفطريّة.
وثانياً : كما قاله الشيخ الأعظم من جواز ذلك للإجماع إلّا أنّه غير تامّ ، فإنّ مثل هذه المسائل المستحدثة لم تعنون في كتب القدماء ، فلا معنى للإجماع عليه.