حكم قضاء المجتهد المتجزّي وإفتاؤه
من الواضح أنّ الناس يختلفون في استعداداتهم وقابليّاتهم وطاقاتهم ، كما أنّ المسائل تختلف بحسب المقدّمات ، فإنّ منها ما هي عقليّة لا تحتاج إلى النقل ، وبهذا الاعتبار ولوجوه اخرى يمكن التجزّي في الاجتهاد ، فإنّه ربما يجتهد الإنسان في بعض المسائل لمعرفته بمقدّماتها العقليّة ، ومباني الفقه تختلف في المسائل والفروعات ، فيمكن أن يكون المجتهد مقتدراً في بعض المسائل دون البعض الآخر ، فتختلف القدرة في مراتبها ومصاديقها ، فيمكن التجزّي حينئذٍ والمقصود من الإمكان هو الإمكان الوقوعي ، وقيل : إنّ الاجتهاد المطلق لا محالة مسبوق بالاجتهاد المتجزّي ، فإنّ المجتهد شيئاً فشيئاً يصل إلى المراتب العليا ، ولا نقول بلزوم المطلق للتجزّي أوّلاً ، بل من الغالب سبق التجزّي للمطلق ، ولا يلزم في غيره الطفرة حينئذٍ ، فإنّ التقدّم تقدّم عادي لا عقلي. فيمكن التجزّي في الاجتهاد ، فإنّ من حضر علم الأُصول وأتقنها عند أُستاذ الفنّ فإنّه يسهل عليه الاجتهاد في المسائل الجزئيّة سهلة المئونة ، كأن تكون لها رواية واحدة مثلاً.
ثمّ العامي من باب رجوع الجاهل إلى العالم يجوز له الرجوع في المسائل التي اجتهد فيها المجتهد المتجزّي فيما لم يعلم الاختلاف إجمالاً وتفصيلاً مع الأعلم ، وهذا من مدلول الروايات الشريفة ، فإرجاع الأئمة (عليهمالسلام) إلى بعض الأصحاب بما لهم كتاب في الفقه ككتاب الصلاة أو كتاب الحجّ من هذا الباب.