كلمة موجزة في تأثير عنصري الزمان والمكان في الاجتهاد
لقد مرّ علينا تعريف الاجتهاد بأنّه استفراغ الوسع لتحصيل الحجّة الشرعيّة في أفعال المكلّفين ، وقد مرّ الاجتهاد بأدوار مختلفة بين قبض وبسط ، كما اختلف معناه عند السنّة والشيعة ، فإنّه في مدرسة أبناء العامّة جعل الاجتهاد في عرض النصّ من الكتاب والسنّة ، فيفتي أوّلاً بهما وإلّا فبرأيه الاجتهادي ولو مثل القياس والمصالح المرسلة الظنّية التي لا تغني من الحقّ شيئاً ، حتّى أدّى الأمر ان اجتهدوا في مقابل النصّ ، فحرّموا ما كان حلالاً في زمن الرسول الأعظم (صلىاللهعليهوآله) كتحريم المتعتين ، وقتلوا سيّد الشهداء سبط رسول الله الحسين بن علي (عليهماالسلام) اجتهاداً من يزيد شارب الخمور سفّاك الدماء.
وعلى مثل هذا الاجتهاد بالرأي الذي امتاز به أصحاب المدرسة السنّية شنّ أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) هجوماً عنيفاً ، وتبعهم على ذلك رواتهم وأصحاب مدرسة المذهب الإمامي من العلماء الأعلام حتّى القرن السابع ، إلّا أنّ العلّامة الحلّي (قدسسره) المتوفّى (٦٧٦ ه) هذّب الاجتهاد وفتح باباً جديداً فيه وجعله في طول النصّ ، وإنّه عبارة عن عملية الاستنباط ، أي استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيلية من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، ثمّ توسّع هذا الاجتهاد ، ممّا أوجب التوسّع في علم أُصول الفقه الذي يبتنى عليه الفقه ، لما فيه من القواعد العامّة والكبريات والعناصر المشتركة السيّالة في كلّ الفقه ، وصار الاجتهاد عبارة عن