القاضي والفقيه منصرفة عن ذلك ، والظاهر منها أنّها ناظرة في جواز الرجوع إلى من علم بالحكم من الطرق المألوفة كما هو واضح ، لا سيّما على القول بالاجتهاد الانفتاحي بل الانسدادي الحكومتي والكشفي أيضاً ، فإنّ العامل بالاحتياط لجهله بالحكم الشرعي لا يصدق عليه العالم والفقيه ليشمله إطلاقات أدلّة جواز التقليد ، كما إنّ ظنّه ليس حجّة في حقّ المقلّد ، للتمكّن من تقليد من يقول بالانفتاح ، فلم ينسدّ باب العلمي على المقلّد ، الذي هو من مقدّمات الانسداد.
الثالثة : يا ترى هل بحث الاجتهاد والتقليد من مباحث علم الفقه أو علم أُصول الفقه أو علم الكلام؟
عند ما نرجع إلى مصنّفات أصحابنا الإماميّة نرى الاختلاف في ذلك ، فمنهم من أدخله في علم أُصول الفقه كما جاء في خاتمة (كفاية الأُصول) للمحقّق الآخوند الخراساني (قدسسره) ، ومنهم من أدخله في الرسائل العمليّة التي تعدّ من كتب الفقه باعتبار بحثها عن أفعال المكلّفين كما في العروة الوثقى للمحقّق السيّد اليزدي (قدسسره) المعاصر للمحقّق الخراساني ، ومن الأعلام من أفرز له بحثاً مستقلا وكتاباً خاصّاً ، ومنهم من بحثه ضمن كتاب القضاء.
وعند سيّدنا الأُستاذ السيّد رضا الصدر (قدسسره) (١) أنّ علم الاجتهاد علم قائم بنفسه لأنّه بالنسبة إلى علم أُصول الفقه يعدّ من الغاية فلا يدخل فيه ، وإلّا لزم
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد : ٢٣.