تقليد الأعلم
من المسائل الخلافية منذ العصور المتقدّمة مسألة تقليد الأعلم ، فهل يجب على العامي تقليد الأعلم فيما تمكّن من الرجوع إليه ، أو أنّه مخيّر بين الأعلم وغيره؟ والمراد من تقليد الأعلم هو تقديم قوله على غيره عند التعارض ، لا بمعنى انحصار الحجّية في كلّ عصر بشخص واحد وهو الأعلم حتّى تكون الأعلميّة من مقوّمات الحجّية لعدم نهوض الأدلّة النقليّة والعقلية على ذلك. فالمراد من الأعلمية المرجّحية عند المعارضة ، وإلّا كيف يرجع إلى غير الأعلم في احتياطات الأعلم ، وكيف يقلّد غير الأعلم نفسه.
فلرأي كلّ منهما الكاشفية والحجّية ، إلّا أنّ للأعلم فعليّة وللعالم شأنية عند المعارضة ، فهما كالخبرين المتعارضين وتقديم من معه المرجّحات الداخلية والخارجية ، فلكلّ منهما كاشفية ذاتية إلّا أنّ الأعلم فعليّة والعالم شأنية. وليس شأنهما شأن الأمارة والأصل ، فإنّ الأصل دليل من لا دليل له ، فلا كاشفيّة في الأصل عند وجود الدليل أصلاً ، لا ناقصاً ولا شأناً ، فتدبّر.
قال السيّد المرتضى علم الهدى (قدسسره) : وإن كان بعضهم عنده أعلم من بعض أو أورع أو أدين فقد اختلفوا فمنهم من جعله مخيّراً ومنهم من أوجب أن يستفتي المقدّم في العلم والدين ، وهو أولى ، لأنّ الثقة منها أقرب وأوكد والأُصول بذلك كلّها شاهدة ..