وأُجيب : بتبدّل الموضوع أوّلاً ، فإنّ الملاك في وجوب المراجعة كان باعتبار انحصار الاجتهاد فيه. فلا معنى لإبقاء ما كان على ما كان بعد وجود مجتهد آخر أعلم منه ، كما لا يتمسّك في العقليّات بالإجماع المركّب والقول بعدم الفصل ثانياً.
النحو الثاني :
الذي ينتج من تقريره لزوم تقليد الأعلم وذلك بقاعدة الاشتغال بناء على الدوران بين التخيير والتعيين في الحجّية ، ويقرّر بوجهين أيضاً :
الأوّل : ذهب القدماء من الأصحاب إلى زمان الشهيد (قدسسره) إلى وجوب تقليد الأعلم ، والقول بالتخيير بينه وبين غير الأعلم إنّما تولّد في الأعصار المتأخّرة.
ثمّ ممّا لا ريب فيه أنّ الناس كلّهم مكلّفون بالأحكام الواقعيّة ، ولا بدّ من امتثالها إمّا بعلم تفصيلي وجداني أو بعلم عادي بالظنّ المتاخم للعلم المفيد للاطمئنان وإمّا بالعلم الإجمالي وذلك بالعلم بالاحتياط ، ولا يتنزّل عن هذا ويكتفى بغيره في مقام الامتثال إلّا بدليل خاصّ.
وحيث قام الإجماع والضرورة على عدم لزوم الامتثال التفصيلي والإجمالي حفظاً للنظام من جهة اختلاله وللزوم العسر والحرج المنفيين شرعاً ، كما إنّ سيرة العقلاء وسيرة المتشرّعة تدلّان برجوع العالم إلى الجاهل ، وقد أمضاه الشرع ، لعدم الردع ، فإنّه لو كان لبان ، فحينئذٍ لو شككنا في اعتبار الأعلميّة لما ذهب إليه القدماء ، كما إنّ القدر المتيقّن من الخروج عن حرمة العمل بالظنّ هو العمل بفتوى الأعلم ، وأمّا فتوى غيره فمشكوك فيه ، وقاعدة الاشتغال تقول بلزوم الفراغ اليقيني لمن اشتغلت ذمّته ، فإنّ الاشتغال اليقيني يحتاج إلى براءة يقينيّة ، وذلك لا يكون إلّا