وأُجيب : بأنّه لم يقل واحد من فقهاء الإماميّة بتعيّن تقليد الميّت الأعلم ، كما إنّ جواز الرجوع إلى المجتهد الحيّ ممّا تسالم عليه الأصحاب منذ زمن الأئمة (عليهمالسلام) ، فمع احتمال اشتراط الحياة يدور الأمر بين التعيّن والتخيير فيتمّ الأصل مطلقاً.
توهّم ودفع :
يذهب المحقّق القمّي (قدسسره) صاحب القوانين إلى القول بالانسداد ، ومن ثمّ يقول بحجّية الظنّ مطلقاً إلّا ما خرج بالدليل كالقياس ، ثمّ في مقام العمل يرى وجوب العمل بأقوى الظنّين ، فربما يتوهّم فيما نحن فيه أنّه يجب تقليد الميّت الأعلم ولو ابتداءً لكون الظنّ الحاصل من فتواه أقوى من الحاصل من الحيّ غير الأعلم.
وأُجيب : إنّ ما يقوله من جواز تقليد الميّت ابتداءً وعدم اشتراط الحياة كما صرّح صاحب الكفاية بأنّ ذلك خيرة الأخباريين وبعض المجتهدين من أصحابنا ، ولعلّ مراده من بعض المجتهدين صاحب القوانين ، ليس من باب لزوم تقليد الأعلم بما هو أعلم ، بل باعتبار ما عنده من المبنى حيث يرى انسداد باب العلم والعلمي في زمن الغيبة الكبرى بتوهّم اختصاص الخطابات بالمشافهين وبمن قصد إفهامه ، فيعمل بكلّ ما يكون أقوى من غيره ، كما إنّ الأقربيّة في فتوى الأعلم مطلقاً حتّى في صورة مخالفة فتواه للمشهور أو الاحتياط ممنوعة ، فلم يظهر من المحقّق القمّي وجوب تقليد الأعلم بما هو أعلم (١).
__________________
(١) الدرّ النضيد ١ : ٢١٥.