فاستصحاب طهارة الماء يرفع الشكّ في نجاسة الثوب المغسول به ، فيقال استصحاب عدم الجعل محكوم باستصحاب الحكم الفعلي من جعل الحجّية في الفتوى حال حياته ، فإذا جرى الأصل في المجعول واستصحبنا الحجّية إلى ما بعد الموت ، فلا يبقى الشكّ في الجعل أصلاً ، لحكومة الأصل السببي على الأصل المسبّبي.
إلّا أنّه أشكل على هذا الجواب بأنّه إنّما يتمّ لو كان المسبّب من الآثار الشرعيّة للسبب كالثوب المغسول بالماء المشكوك ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ الحجّية والسببيّة والمسببيّة من الأُمور العقليّة ، لأنّها من الانتزاعيات.
إلّا أنّه أشكل على هذا الإشكال أنّ الحجّية في المقام من الأُمور المجعولة شرعاً كما مرّ ، فاستصحاب الحجّية يلزمه رفع الشكّ في عدم جعل الحجّية ، فتأمّل.
وربما أشكل على استصحاب عدم جعل الحجّية بأنّه لا يترتّب عليه حكم فعلي ، فلا مجال لمعارضته مع استصحاب بقاء المجعول إلّا بناءً على القول بالأصل المثبت ، وهو كما ترى.
وأُجيب : بأنّه لا يتمّ هذا الإشكال لترتّب الأثر ، فإنّ أثر كلّ شيء بحسبه ، فاستصحاب الجعل عند الشكّ في النسخ كما يجري ويلزمه التحرّك والانبعاث كذلك عدم الجعل لازمه الترخيص والإباحة حينئذٍ.
كما أنّ استصحاب عدم جعل الحجّية لفتوى الميّت من الآثار الشرعيّة ، فليس أثراً عقليّاً له حتّى يكون من الأصل المثبت ، فتدبّر.
فلا يبعد جريان استصحاب حجّية فتوى المجتهد بعد موته ، وإشكال عدم بقاء الموضوع أو معارضته باستصحاب عدم الجعل غير تامّ ، أضف إلى ذلك