معناها ، والمتفاهم من لفظتها باعتبار هيئة التفضيل ، وظهورها في شيء وعدم ظهوره ، فكان الأولى أن يعرف معناها بما هو المتفاهم العرفي وما هو موضوع الحكم عند العقل والعقلاء ، فإنّ الأعلم في الفقه كالأعلم في سائر العلوم.
ومعنى الأعلم حينئذٍ هو أن يكون أعرف بالكبريات وأدقّ في استنباط الأحكام منها ، وأكثر إحاطة وأجود استنباطاً ، ثمّ أحسن سليقة في تطبيق تلك الكبريات على صغرياتها.
والخلاصة : مجرّد الأقوائيّة وشدّة المعرفة بالكبريات لا ينفع ما لم ينضمّ إليه حسن السليقة في تطبيق الكبريات على الصغريات ، فيكون أعلم بالأُصول والفقه. فالطبيب الأعلم ليس من كان أعلم بقواعد وكليات الطبّ ، وأعرف بطرق معالجة الأمراض ، ما لم ينضمّ إليه حسن التطبيق بين تلك الكليات وبين المصاديق.
(فالاجتهاد إنّما هو تخصّص في تشخيص الوظيفة الفعلية في كلّ مسألة ، والأعلم هو الذي صار واجداً لهذه الملكة على النحو الأكمل) (١).
وأمّا المقام الثاني : أي تعيين الأعلم والمرجع فيه.
فربما يقال : إنّ الشهادة إنّما تكون على المحسوسات لقوله (صلىاللهعليهوآله) مشيراً إلى الشمس (على مثل هذا فاشهد) وما نحن فيه لم يكن منها فكيف يشهد بذلك؟
وأُجيب : إنّ ممّا لم يكن من المحسوسات ربما يعرف من آثاره ، وباعتبار ذلك
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد ؛ السيّد رضا الصدر : ٣٠١.