أمّا المقام الأوّل : فنقول : لقد مرّ الكلام بالتفصيل في معنى المجتهد وإنّه الواجد والحامل لملكة الاستنباط بالفعل بإرجاع الفروع إلى الأُصول ، أو استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيليّة ، أو كما جاء في لسان الروايات الشريفة بأنّه يجمع بعض الصفات الخاصّة مثلاً :
١ ـ الراوي للأحاديث الشريفة.
٢ ـ والعارف بالأحكام الدينيّة.
٣ ـ والناظر في الحلال والحرام.
أي يكون من أهل النظر والاستدلال والاستنباط ، فمن لم يكن كذلك فإنّه غير مجتهد اصطلاحاً ، وإن كان من أهل العلم ورجال الدين وأصحاب الفضيلة. لصحّة سلب العناوين الواردة في النصوص عنه ، كالفقيه وأهل الذكر والعالم وما شابه ذلك ، فلا يصحّ تقليده.
وأمّا المقام الثاني : فالعمدة في التقليد أنّه من باب رجوع الجاهل إلى العالم ، فمن لم يصدق عليه العناوين والصفات الواردة ، فإنّه بحكم الجاهل وإن كان من أهل العلم ، فما دام لم يعمل بالاحتياط فعليه أن يقلّد ، لأنّ المكلّف لو لم يكن مجتهداً بالفعل ولم يلتزم بالاحتياط ، فإنّه يجب عليه عقلاً كما مرّ في المسألة الاولى ، أن يقلّد من كان واجداً لشرائط التقليد. فيشمله الإطلاقات المجوّزة للرجوع إلى الغير ، أي المجتهد الجامع للشرائط. فمن لم يكن من الفقهاء فهو من العوام وإن كان من أهل العلم.
فمن وجد ملكة الاستنباط واستنبط بالفعل لا يجوز له الرجوع إلى الغير ، فإنّه