أيضاً ، إلّا أنّ ظاهر العبارة نفي ذلك.
فأشكل عليه أنّ ما نحن فيه لا يلحق بالقضاء الذي يشترط فيه العلم الوجداني للقاضي ، ولا يكتفى بالاطمئنان الوثوقي ، وذلك لأدلّة القضاء وللحصر في تقسيم القضاة إلى أربعة ، فواحد منهم يقضي بالحقّ وهو يعلم ، فإنّه من أهل الجنّة ، وأمّا الباقي فهم في النار ، وما نحن فيه ليس من الدعاوي والقضاء حتّى يقال بالعلم الوجداني ، بل يكفي الوثوق ، فتدبّر.
٢ ـ البيّنة :
الطريق الثاني لإثبات اجتهاد المجتهد أو أعلميّته هو البيّنة أعني شهادة عدلين من أهل الخبرة ، فإنّها من الأمارات الظنّية الخاصّة المعتبرة شرعاً ، وقد ثبت عند الشيخ الأعظم الشيخ الأنصاري (قدسسره) كما في فرائده بالأدلّة الأربعة أنّ الأصل الأوّلي في مطلق الظنّ هو عدم حجّيته إلّا ما خرج بالدليل ، ويسمّى بالظنّ الخاصّ ، ويقابله الظنّ المطلق ، فكان عند القدماء حجّية مطلق الظنّ ، إلّا ما خرج بالدليل كالقياس ، إلّا أنّ الشيخ ومن تبعه وهو الحقّ ، عدم حجّية مطلق الظنّ إلّا ما خرج بالدليل ، كظواهر الكتاب وخبر الثقة ، ومنها البيّنة.
ثمّ لا إشكال في حجّية البيّنة في باب القضاء ورفع الخصومات ، وأمّا في غيره فربما يناقش ذلك على أنّه لم يثبت للفظة البيّنة حقيقة شرعيّة أو متشرّعة بمعنى شهادة عدلين ، بل ما جاء في الكتاب الكريم والسنّة الشريفة إنّما استعملت بمعناه اللغوي والعرفي ، أي بمعنى الوضوح وما به البيان وما يثبت به الشيء ، وهذا