خير ، وإنّ الشيطان يلقي بينكم العداوة والبغضاء ، فأحبّ الشارع دفع المخاصمة ورفعها بأيّ نحو كان ، فلا مناص من حلّها بشيء ، فإنّ بقاء النزاع بحاله ينجرّ إلى اختلال النظام ، فجعل البينة رفعاً للمخاصمة وما به رفع المخاصمات لا يلزم أن يكون حجّة حتّى في غيرها ، فإنّ اليمين تفصل بها الخصومة شرعاً ولا تعتبر في غير المرافعات والمخاصمات ، فما يكون حجّة في موارد التخاصم لا يلزم أن يكون حجّة على الإطلاق ، فكيف القول بالأولوية ، فإنّه من القياس مع الفارق. فلا تبتنى على أساس صحيح.
الوجه الرابع : مفهوم آية النبأ مع موثّقة مسعدة.
قيل : إنّ مفهوم قوله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) يدلّ على حجّية خبر العادل مطلقاً في الأحكام والموضوعات ، وبناء على ما جاء من الحصر في الموثّقة يخرج من العموم خبر العدل الواحد في الموضوعات ، فتصير البيّنة معتبرة مطلقاً.
إلّا أنّه يرد عليه : أنّ الموثّقة ليست بصدد الحصر ، لأنّ الأشياء كما أنّها تثبت بالاستبانة أي العلم الوجداني والحجّة العقلائية ، والبيّنة أي العلم العادي والحجّة الشرعيّة ، كذلك ثبت بالاستصحاب والإقرار وحكم الحاكم وغيرها ، فلو كانت بصدد حصر المثبت فيهما لاستلزم ذلك تخصيص الأكثر المستهجن (١).
__________________
(١) التنقيح ١ : ٢١١.