إشكال وجواب
ربما يقال إنّ من شرط الشهادة أن تكون حسّية ، لما ورد عن الرسول الأكرم (صلىاللهعليهوآله) مشيراً إلى الشمس : (على مثل هذا فاشهد) أي يكون المشهود به واضحاً كوضوح الشمس ، وهذا يلزمه الحسّ ، فلا يكتفى بالشهادة الحدسية ، والاجتهاد وكذلك الأعلمية ليستا من الأُمور الحسّية ، فإنّ ملكة الاجتهاد إنّما تستكشف بالحدس والاختبار ، والشهادة إنّما تقبل في المحسوسات ، ولا اعتبار بها في الحدسيات مطلقاً.
وبعبارة اخرى : من الواضح أنّ الشهادة غير الخبر ، فإنّها خبر عن حسّ ، ولهذا لا اعتبار في شهادة أربعة من أربعة في الزنا ، فإنّ الأخبار به لم يكن عن حسّ ورؤية ، فلو كانت البيّنة فيما نحن فيه أمارة عن أخبار الواقعة عن الحسّ بها ، فإنّ العدلين حدسا ذلك ، فلم تكن شهادتهما عن حسّ بل عن حدس ، فلا تكفي البيّنة في مثل موردنا من معرفة اجتهاد المجتهد وأعلميّته.
وأُجيب : إنّ الأُمور الحدسية على نحوين : فتارةً قريبة من الحسّ وهي ممّا يقلّ فيه الخطأ وتكون مقدّماته موجبة للحدس ، وأُخرى بعيدة عن الحسّ ، والأوّل حجّة ببناء العقلاء الممضاة شرعاً ، وتكون كالشهادة على الأُمور الحسّية ، فالاجتهاد كالعدالة والشجاعة في الجملة ، من الأُمور التي تقبل الشهادة والإخبار. فالبيّنة حجّة في تمام الموضوعات ومنها اجتهاد المجتهد.