المقام الأوّل
لقد مرّ الكلام بالتفصيل في مسألة أصل التقليد وتقليد الأعلم وتقليد الميّت ، إنّ العقل الارتكازي في العامي وفطرته السليمة تدعوه إلى التقليد أوّلاً ، لأنّه يعلم إجمالاً أنّ ذمّته قد اشتغلت بتكاليف شرعيّة ، وإنّه لم يخلق عبثاً ، ولا بدّ من إفراغ الذمّة والخروج عن عهدة التكاليف ، ومن باب رجوع الجاهل إلى العالم ، كما يحكم به العقل والفطرة ، لا بدّ من تقليد العالم العارف بالأحكام وهو المجتهد ، ثمّ العقل يحكم أيضاً مع وجود الأعلم والعلم بالمخالفة في الفتاوى لا بدّ من الرجوع إليه ، كما أنّه يرجع إلى المجتهد الحيّ دون الميّت ابتداءً. والعقل حينئذٍ يحكم أيضاً أنّه إنّما يرجع إلى المجتهد الجامع لشرائط التقليد التي يحتمل دخالتها في الرجوع إليه ، فإنّه لو رجع إلى من يشكّ في شرط من شرائطه فإنّه يشكّ في إفراغ ذمّته. إلّا إذا رجع إلى من يصحّ الرجوع إليه وأفتى بعدم الشرط المشكوك فيه ، فتدبّر.
المقام الثاني
وهو تارة باعتبار الأصل الأوّلي ، وأُخرى باعتبار الأدلّة الظاهرة :
فمقتضى الأصل الأوّلي في المسألة ، هو أنّه إذا شكّ في اعتبار شرط في حجّية فتوى المجتهد الفقيه هو اعتباره. لأنّه من الشكّ في مقام الامتثال وسقوط التكليف