بغيره ، بل يقدّمونه على الطبيب العمومي ، فمقتضى بنائهم صحّة تقليد المجتهد المتجزّي ، بل لزومه إذا كان أعلم من المجتهد المطلق ، وإن كان ما استنبطه قليلاً لا يعتدّ به.
والسيرة كما مرّ من الدليل اللبّي فيؤخذ بالقدر المتيقّن فيها ، وإنّما يتعبّد بها لو أمضاها الشارع المقدّس ، أو لم يردع عنها على اختلاف المباني في حجّية السيرة شرعاً كما مرّ فلا بدّ حينئذٍ من ملاحظة الأدلّة والوجوه الواردة في المقام ، ومقدار دلالتها على الإمضاء أو الردع أو عدمه؟ والوجوه كما يلي :
الوجه الأوّل القرآن الكريم :
في آية السؤال في قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) ، فإنّ ظاهرها الرجوع إلى كلّ من يصدق عليه عنوان (أهل الذكر) وعرفاً إنّما يصدق على المجتهد المطلق فيتعيّن تقليده ، وعند دوران الأمر بينه وبين المتجزّي تخييرياً ، يقدّم المتعيّن بحكم العقل ، للاشتغال.
وأُجيب عنه : إنّ الظاهر صدق العنوان على من كان متجزّياً أيضاً فيما إذا استنبط من المسائل المعتدّ بها عرفاً ، لا في مسألة ومسألتين ، وتعيين مثل عنوان (أهل الذكر) إنّما هو بيد العرف ، والعرف ببابك ، وإن أبيت عن شمولها للمتجزّي المستنبط من المسائل المعتدّ بها عرفاً ، فإنّ الآية تكون مُجملة حينئذٍ ، ولا يستدلّ بها للإجمال ، فلم تكن ممضيّة لبناء العقلاء أو رادعة عنه.
__________________
(١) النمل : ٤٣.