ويرجع إلى القاضي الذي يعرف من هذا القليل قليلاً ، فإنّه ظاهر في صحّة الرجوع إلى القاضي العالم بجملة ، وإن كانت قليلة ، إلّا أنّها معتدّة بها من الأحكام ، وكذلك المجتهد المفتي عند الرجوع إليه.
وربما يقال على نسخة التهذيب ، يشترط أن يكون عالماً بجملة معتدّة بها لمناسبة الحكم والموضوع ، فإنّ من يرى شيئاً من البحر يعني ما يعتدّ به لا أنّه رأى بمقدار إناء ، بخلاف ما رأى شيئاً من ماء الإناء ، فكلّ شيء يختلف سعته وضيقه بحسب نفسه ، ولمّا كان علوم آل محمّد (عليهمالسلام) بحر لا ينزف فالعالم بشيء من علومهم لا بدّ أن يكون عارفاً بجملة ممّا يعتدّ به. فتأمّل.
ومن الروايات الشريفة ما جاء في الاحتجاج في الخبر المعروف المنسوب إلى الإمام العسكري (من كان من الفقهاء) فإنّه يرجع إلى الفقيه العارف ، فمن لم يكن من الفقهاء وإن عرف جملة من الأحكام لا يجوز تقليده ، فتدلّ على الرجوع إلى المجتهد المطلق ، إلّا أنّه نوقش سنداً ودلالة كما مرّ ، فإنّه في مقام البيان في الفرق بين عوام اليهود وعوام الشيعة ، كما هو في أُصول الدين الذي لا يجوز في التقليد المصطلح ، أضف إلى أنّه يصدق الفقيه على من عرف جملة معتدّة بها من الأحكام الشرعية.
الوجه الثالث الإجماع :
فقد ادّعي الإجماع على عدم جواز الرجوع إلى المجتهد المتجزّي ، إلّا أنّه غير تامّ في نفسه ، كما إنّ غاية ما يدلّ عليه عدم الرجوع إلى من استنبط مسألة أو مسألتين ، لا المتجزّي المستنبط جملة يعتدّ بها عرفاً.