الاجتهاد واجب كفائي :
لا يخفى أنّ الإنسان مكلّف بالأحكام الشرعيّة والوظائف الدينية ، وليست معرفتها والعلم بها من الأُمور البديهيّة ، بل لا بدّ من بذل الوسع والطاقة وتحمّل المشاقّ والكلفة في تحصيل الحجّة عليها ، وإذا وصل الفقيه إلى الحكم بعد استفراغ الوسع ، فإنّه ما يستنبطه حجّة عليه وعلى من يرجع إليه ، ولا سبيل إلى الردع عن اتّباعه ، ويدلّ عليه سيرة المتشرّعة ، بل وردت النصوص كما مرّ في عصر الأئمة (عليهمالسلام) بالرجوع إلى أصحاب الفتيا وأهل النظر والمعرفة ، كأبان بن تغلب وزرارة بن أعين ومحمّد بن مسلم ويونس بن عبد الرحمن وزكريا بن آدم وأمثالهم رضوان الله عليهم ، ولو لا جواز الاجتهاد في نفسه لما صحّ إرجاع الغير إليهم من قبل الأئمة الهداة (عليهمالسلام) ، فالاجتهاد جائز في نفسه لا محالة خلافاً للأخباريين كما هو واضح.
إلّا أنّه وقع نزاع على كونه واجباً عينياً أو كفائياً؟
حكى عن بعض قدماء الأصحاب وفقهاء حلب أنّه من الواجب العيني على كلّ مكلّف ذلك ، فيجب عليه الاستدلال في مقام الأحكام الشرعيّة ، إلّا أنّه يكتفي بمعرفة الإجماع الحاصل من كلمات العلماء عند الحاجة إلى الواقع أو النصوص الظاهرة ، أو أنّ الأصل في المنافع هو الإباحة ، وفي المضارّ هو الحرمة عند فقد النصّ.
وقيل يحرم التقليد ويجب على العامي الرجوع إلى عارف ثقة يذكر له مدارك