وإذا تمّ ، فستكون وحدة السياق على أن كليهما هناك. وهذا لا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه ، كما سبق. مضافا إلى صيرورة وجود حبلين في الآخرة في عنقها : حبل الحطب وحبل المسد. وهو بعيد. لأنه في الدنيا واحد. وأن حبل المسد هو حبل الحطب. ولكنها تجر في الآخرة بحبل آخر لا محالة.
فإن مقتضى التشابه التام بين حالها في الدنيا وحالها في الآخرة ، هو أن يكون في جيدها حبل واحد تحمل به الحطب وتجر به إلى جهنم ، وهو ممكن تصورا وعقلا. إلّا أنه غير عملي. بل حبل المسد للحطب وهناك حبل آخر تجر به. وهو ما لا يستفاد من الآية بل السياق يعطي وجود حبل واحد.
إذن ، يرجح القول بأنها تعذب في الآخرة كغيرها من المجرمات ، وليس تماما ، كحالها في الدنيا ، كما عليه مشهور المفسرين.
الوجوه الإعرابية في السورة :
«تبّ» بكلا وجوديها في السورة ، يمكن أن تكون إنشاء بمعنى الدعاء ، ويمكن أن تكون إخبارا.
أما الإنشاء ، بمعنى الدعاء ، فتفسيره من الله سبحانه وتعالى عدة أطروحات :
الأطروحة الأولى : إنه نحو من أساليب البلاغة. فإنه كما يستعمله المخلوق يمكن أن يستعمله الخالق.
الأطروحة الثانية : إنه دعاء لنفسه بأن يفعل. فكل فاعل اختياري يمكن أن يأمر نفسه اختيارا أو حقيقة ، أو باعتبار تنزيل الشخص الواحد منزلة شخصين.
الأطروحة الثالثة : إن بعض الأسماء الحسنى تدعو بعضا. فكما أن رحمته تقدمت على غضبه أي أنها تذهب بالغضب إما تكميلا أو تنقيضا.