إن كانت الألف واللام فيه للجنس. ولكن ذلك مفقود في «نصر» فإنها نكرة لا تفيد الشمول.
قلت : إن كلمة «نصر» مضافة إلى معرفة ، فتكون قابلة للشمول والإطلاق. ولعله أوكد من إطلاق الألف واللام ، لأن الألف واللام يحتمل فيه العهدية. ولكن ينعقد سياق واحد من اللفظين على كون «الفتح» أيضا يراد به المعنى العام. فيكون ذلك قرينة على أن الألف واللام جنسية لا عهدية ، بجعل ما هو متيقن قرينة على ما هو مشكوك ، كما هو مقرر في علم الأصول.
وبعد ضم ذلك إلى ما قلناه من شمول الانتصارات الدنيوية على مراتبها والفتوحات الأخروية على مراتبها أيضا ، يثبت الشمول لكل ذلك.
وقوله تعالى : (رَأَيْتَ النَّاسَ). يراد به الثبوت لا الإثبات بالخصوص. أو يراد به كلتا المرتبتين معا ، يعني الإثبات المطابق للواقع والموافق للثبوت.
ومفهوم الإثبات هو ظهوره المطابقي. أما مفهوم الثبوت ، فهو دخول الناس في دين الله سواء حصلت الرؤية لهم والتعرف عليهم أم لا.
أو يكون المراد المعنى الشامل للإثبات والثبوت. يعني : إذا (رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) وكانت رؤيتك صادقة (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ).
وهذا نظير قوله تعالى (١) : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). يعني الجمع في شهود الهلال بين الإثبات والثبوت. يعني الرؤية المطابقة للواقع.
سؤال : ما هو محصل قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)؟
جوابه : إن جملة «إذا جاء» جملة شرطية يراد بها جعل أمر في طرف جواب الشرط بذكر الله سبحانه بالتسبيح والحمد والاستغفار.
__________________
(١) البقرة / ١٨٥.