بالتكامل الحقيقي. والنحر هو نحر النفس الأمارة بالسوء وكبت الشهوات. وعلى ذلك ستكون عدة افتراضات منها :
أولا : إن قلنا إن الكوثر هو حوض الكوثر ونحوه. والأبتر هو مقطوع الذرية ، كان للسورة هدفان : أحدهما : في الآيتين الأوليتين ، لأنهما متكفلتان لذكر النعمة وكيفية شكرها ، كما سبق. والثاني : في الآية الأخيرة.
ثانيا : إننا إن قلنا إن الكوثر كثرة الذرية والأبتر عدمها ، اتحد هدف السورة وتعين هدف الشانئ بواحد.
ثالثا : إننا إن فهمنا العموم اتحد الهدف أيضا ، إلّا أن العموم ينبغي أن يكون شاملا لكل ألفاظ السورة. وإن الخير المعطى للنبي صلىاللهعليهوآله غير معطى لعدوه طبعا.
ولكن يبقى الأقرب إلى الوجدان : الهدف الواحد ، لعدة أسباب :
الأول : ما قلناه من أننا نفهم العموم ، أي بيان خصائص النبي صلىاللهعليهوآله الخاصة به وبأتباعه ، ولا تشمل الفسقة والفجرة. وأن طريقة الشكر لهذه العطاءات تكون بالنحر والصلاة.
الثاني : أن نفهم من الكوثر والأبتر معنى متقابلا خاصا ، ولكنه متناسق إلى حد يحفظ تناسق السياق. وأوضح أشكاله هو أن الكوثر هو كوثر الذرية ، والأبتر عدم الذرية. وهذا هو الموافق مع سبب النزول.
وإن فهمنا من قوله : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) : رفع اليد في الصلاة أو رفع الجسم بعد الركوع ، فهذا وإن كان موافقا مع الصلاة ، إلّا أن فيه أخذ الآية مستقلة عن السورة ، وهو باطل جزما. إذ لا يكون لذكرها وجه معتد به. لأن شكر النعمة لا يكون بذلك (أي بحركة اليد أو رفع الجسم). أو أنه أقل من أن يكون بمنزلة الشكر. بخلاف ما إذا كان يراد بالنحر : نحر البدن أو نحوها أو يراد به نحر الباطل في النفس أو في الغير.
والله سبحانه يرشدنا إلى الشكل الأمثل من الشكر على إعطاء الكوثر ،