المعنى الثالث : ما فهمه صاحب الميزان قدسسره حيث قال (١) : غافلون لا يهتمون بها ، ولا يبالون أن تفوتهم بالكلية أو في بعض الأوقات أو تتأخر من وقت فضيلتها. وهكذا.
أقول : أي يكون حال المكلف الاقتصار على الواجبات وترك المستحبات.
وفيه نقطة قوة : وهي : إن ما ورد من السؤال عن الوجه الأول لا يأتي هنا. لأن معناه أنهم مصلّون ولكنهم متسامحون في صلواتهم. وهذا التسامح لا يكون إلّا من أجل الاهتمام ببعض أمور الدنيا. ما قال في الدعاء (٢) : لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
سؤال : إنه تعالى قال : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ). فكررت الذين هم ، مرتين فما هي الحاجة إلى الذين هم الثانية؟
وهنا ينبغي التعرف على إعراب الجملة قبل الشروع في الجواب.
«ويل» مبتدأ خبره محذوف ، والجار والمجرور متعلق به. و «هم» مبتدأ و «ساهون» خبره. و «عن صلاتهم» جار ومجرور متعلق باسم الفاعل. ويكون التقدير : الذين هم الساهون عن صلاتهم.
فالضمير «هم» ليس ضمير فصل. بل مبتدأ نحتاج إليه ليكون عائدا على الموصول. بل حتى لو لم يذكر الضمير لاحتجنا إلى تقديره.
و «الذين» مبتدأ و «هم» مبتدأ ثان. خبره «يراءون» والجملة خبر للمبتدإ الأول.
أو «هم» ضمير فصل يفيد التأكيد ، وبالتالي لا تحتاج الجملة إلى وجوده ، لكون العائد صالحا في أن يكون هو فاعل «يراءون». فهنا يتأكد السؤال : لما ذا وجد الضمير؟
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٦٨.
(٢) انظر : مفاتيح الجنان ، ص ١٦٧.