فإذا عطفنا ذلك إلى المشاكل والأطروحات التي سبق أن استقرأناها ، عرفنا كيف كان تأليف هذا الكتاب صعبا ومعقدا على المؤلف ، بحيث يكون المؤلف فيه بين حدّي السكين أو بين طابقي الرحى ، أو بين المطرقة والسندان ، كما يعبرون.
وهذا المأزق مما لا مناص منه ، كما لا خلاص منه إلّا برحمة من الله ولطف ، إذ من الواضح أن عمق الكلام قد يستلزم وصول الحكمة إلى غير أهلها ، وأن قلة الكلام قد يستلزم ضمور الدليل وضحالة الفكرة ، الأمر الذي يقتضي بقاء الشبهة وعدم حصول الجواب الوافي عن السؤال. وبالتالي عدم الدفاع الحقيقي والكامل عن القرآن الكريم. وكلا هذين الأمرين المتنافيين ظلم حرام.
فأبتهل إلى الله بحق أوليائه الطاهرين ، أن يغفر لي ما قد يكون بدر مني في هذا الكتاب من أحد هذين الشكلين من الظلم أو من أشكال أخرى من الشطح في الكلام وكونه على غير المرام. وخاصة أن المورد هو الدفاع عن الكتاب الكريم وعقيدة ديننا الحنيف. إن الله ولي كل توفيق ، وهو أرحم الراحمين.
فإذا علمنا أن هذا الكتاب ، قد تمّ تسطيره بناء على هذا المسلك ، كما أن الدرس والمحاضرات التي استخلص منها هذا الكتاب ، قد اتبعت فيها ذات الأسلوب. ومع ذلك فقد حذفت بعض الأمور التي قلتها في الدرس ولم أسجلها في هذا الكتاب زيادة في الحذر وتركيزا في الاحتياط. وأمري وأمر القارئ بعدئذ إلى الله تعالى. بل دائما إلى الله تعود الأمور.
ـ ٩ ـ
هذا ، ولا ينبغي أن يلحق هذا الكتاب ، بكتب التفسير العام ، فإنه ليس كذلك إطلاقا. وقد تجنبت فيه عن عمد كل ما يرتبط بالتفسير المحض ، لو صحّ التعبير. إلّا ما نحتاج إليه أحيانا على سبيل الصدفة. وعلى القارئ الكريم أن يرجع في التفسير إلى مصادره وما أكثرها. إذ لعل تفاسير القرآن