وكل هذه المستويات محتملة وقائمة. ولكن بحسب الظاهر الأولي ، فإن المستوى الأول هو أرجح المحتملات.
أما ذكر البيت فقد لا يكون قرينة على الحج ، وإنما خصّ بالذكر لوضوحه في أذهانهم ، وقربه منهم ، مع إدراكهم بكونه مربوطا بالله تعالى.
ومنه يتضح معنى الفاء في قوله : (فَلْيَعْبُدُوا). فإن فائدتها التفريع على السابق ، أي نتيجة لدوام النعم في رحلة الشتاء والصيف.
سؤال : ما المقصود بالذي في قوله تعالى : (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ؟).
جوابه : أمران :
أحدهما : وهو الأرجح أن يراد به الله سبحانه. وهو مذكور في السياق بعنوان : رب هذا البيت.
ثانيهما : البيت ، وهو جزء العلة والسبب الأهم للرزق والأمان. أما الرزق فباعتبار كثرة السواح. وأما الأمن فباعتبار حرمة دخول الحرم المكي والقتال فيه.
غير أن الأرجح ـ كما قلنا ـ هو أن المراد هو الله سبحانه ، لأنه هو المسبب الحقيقي.
سؤال : كيف أمنهم من خوف؟
جوابه : لعدة اعتبارات :
أولا : إن تلك الرحلة التجارية كانت خطرة من عدة جهات للوحوش واللصوص وغير ذلك. ولكنهم كانوا في كل عام يذهبون سالمين ويرجعون سالمين.
ثانيا : إن القوى الكبرى في العالم يومئذ. ككسرى وقيصر ، لم يتعرضوا لهم بالشر ، بالرغم من إمكان ذلك ، وقلة إمكانيات الدفاع لديهم.
ثالثا : إنهم لم يتعرضوا إلى الغزو والغارات التي كان يقوم بها بعض القبائل تجاه بعض. فقد كان هذا معتادا إلّا أنه غير موجود إطلاقا على