بل نرى أن أبرهة بعد أن سمع من عبد المطلب رضوان الله عليه ، قوله (١) : للبيت ربّ يحميه. لم يتعظ. واستمر على عزمه على هدم الكعبة. وجدد الحملة في اليوم الثاني.
سؤال : ما هو الوجه في تكرار الاستفهام في الآيتين ، ثلاث مرات قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ).
جوابه : ذلك لأجل التركيز على هدف السورة ، وأهمية المعنى. والتنبيه المتزايد للمخاطب المباشر ، وهو النبي صلىاللهعليهوآله والمخاطب غير المباشر وهم المسلمون بل الخلق أجمعين. وتكرار الاستفهام من الجوانب البلاغية المهمة ، أي انتبهوا إن لم تكونوا منتبهين.
قوله تعالى : (وَأَرْسَلَ).
الواو هنا ـ حسب مشهور المفسرين ـ عاطفة ، وقال في الميزان (٢) : والآية التي تتلوها عطف تفسير على قوله : (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ).
أقول : ويمكن أن يكون تفصيلا بعد إجمال. كأنه يريد ذكر تفاصيل الحادثة أو أسلوب التضليل والإفشال لجيش الفيل. وذلك بعد الإشارة الإجمالية له. ويكون المعنى : إنه جعل كيدهم في تضليل عن طريق إرسال الأبابيل.
فالواو وقعت بعد الإجمال وقبل التفصيل. وإذا كانت وظيفتها هكذا ، أمكن أن نجعل عدة أدوات محلها : إذ أرسل أو حين أرسل أو كما أرسل. فتكون كلها بمعنى واحد.
على أن قوله عن الواو إنها عاطفة ، لا يخلو من تسامح ، فإنها على أي حال ، من عطف جملة على جملة لا من عطف المفرد. وفي مثلها تسمى الواو استئنافية ولا يقال لها : عاطفة.
__________________
(١) الدرّ المنثور ج ٨ ، ص ٦٢٨.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٦٢.