في الأمر أننا قد نستعملها قبل حصول الحادث المفروض ، فيكون تهديدا لحصوله. وقد نستعملها بعده ، فيكون إشعارا على أنه كان مستحقا لحصوله. كما قد يكون مقصود المتكلم إظهار التألم عليه من الحادث الحاصل ، وإن كان مستحقا له ، أو بغض النظر عن استحقاقه له.
وعلى أي حال ، فالاستعمال القرآني هنا ، للدلالة على التنبؤ والتهديد بحادث استقبالي ، وهو العقاب الأخروي. أو للدلالة على استحقاق العقاب.
قال تعالى : (لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ).
في هذين اللفظين عدة أسئلة :
سؤال : في صيغتهما من حيث كونهما مفردا أو جمعا.
جوابه : أن كليهما محتمل. فإن كانت جمعا ، فعلامة التأنيث التي فيه. باعتبار أن الجمع مناسب للتأنيث في اللغة العربية. إلّا أنه يدل على إفراده اسم الموصول الذي بعده ، ويجعله كالنص في ذلك.
وأما الهاء ، فباعتبار كونها صيغة مبالغة بمعنى اسم الفاعل. والهاء زيادة في التأكيد ، كعلامة وإفهامة.
سؤال : ما هو الوجه في تأنيث الهمزة واللمزة. مع أنه ليس المقصود بهما عودهما إلى مؤنث.
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : عودهما إلى مرجع كلي ، والكلي بمنزلة الجمع. والجمع يناسب التأنيث.
الوجه الأول : عودهما إلى مرجع كلي ، والكلي بمنزلة الجمع. والجمع يناسب التأنيث.
الوجه الثاني : ما قلناه قبل قليل من أن المراد زيادة التأكيد.
الوجه الثالث : ما قاله العكبري (١) : الهاء في الهمزة واللمزة للمبالغة.
أقول : والتأكيد ، والمبالغة ، يرجع محصلهما إلى معنى عرفي واحد.
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٨.