واللمزة في الآية الكريمة يمكن أن تكون صغرى لهذه الكبرى ، والاحتمال مبطل للاستدلال. ولا تكون لغوا بل ذكرت بقصد الاستهزاء أو التأكيد أو نحو ذلك.
إن قلت : اللمزة لا تحتمل أن تكون للاتباع لأن لازمه أنها لا معنى لها. لأن الكلمة التابعة لا معنى لها. ولا يمكن أن تكون في القرآن الكريم كلمة لا معنى لها.
قلت : جوابه من أكثر من وجه :
أولا : الطعن في الكبرى ، وهي ضرورة خلو القرآن الكريم ، من أية كلمة لا معنى لها. بل يمكن القول بإمكان ذلك. وذلك لقوله تعالى (١) : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ). وهو يشمل حتى الكلمات الخالية من المعنى.
ثانيا : إنها وإن كانت لا معنى لها ، إلّا أنها صحيحة لغة وفصيحة في الاستعمال ، فجاز وجودها في القرآن. لوضوح أن كل إتباع فهو لا معنى له. فليكن هذا منه. وهذا لا يعني نفي المعنى إطلاقا لأننا قلنا إنه يعرف معناه من معنى تابعه ، وهو الكلمة السابقة عليه. إذن ، فمحصل المعنى موجود دائما.
ثالثا : أن نذكر بنحو الأطروحة ، فكرة الجمع بين كونه ذا معنى وكونه اتباعا. إذ قد تكون الكلمة ذات معنى في نفسها بغض النظر عن الإتباع ، وقد وقعت اتباعا. فتفيد كلا الأمرين. إذ لا يتعين في الاتباع سلب المعنى مطلقا ، بل سلبه من حيث كونه اتباعا. وهو لا ينافي وجود معنى آخر لنفس اللفظة في اللغة.
سؤال : عن معناهما وعن الفرق بينهما.
جوابه : إننا ننفي ـ أولا ـ الأطروحة التي تقول بترادفهما. بل لهما معنيان مختلفان وهما من الألفاظ التي يقال فيها : إنهما إذا اجتمعا افترقا
__________________
(١) الأنعام / ٣٨.