أقول : جوابه لوجهين : أولا : إن التقدير خلاف الأصل وكلا الأخيرين فيه تقدير. فالمصير إلى الأول وهو البديل.
ثانيا : إننا نضيف احتمالا آخر ، وهو أن يكون نعتا. باعتبار أن الفرد موصوف بكونه همزة ولمزة وهو الذي جمع مالا وعدّده.
ومجموع الموصول وصلته يكوّن مركبا ناقصا ، لا تنطبق عليه قاعدة : الجمل بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال. غير أن الموصوف هنا وهو كل لا ينطبق عليه عنوان النكرة ، فيمكن أن يكون نعتا ، بدل أن يكون بدلا.
وقلنا فيما سبق : إن «الذي» مفرد ولكنه كلي ينطبق على كثيرين. فهو بمنزلة اسم الجنس لأنه يعود على اسم جنس.
ثم إنه قد ذكر القاضي عبد الجبار سؤالا (١) مع جوابه كما يلي :
سؤال : هل يدخل في قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) «غير الكافر» ، أو لا يدخل فيه إلّا الكافر؟
جوابه : ذلك محتمل ، لأجل قوله تعالى : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ). وذلك لا يليق إلّا بالكفار الذين لا يعتقدون في أموالهم أنها من قبل الله تعالى. فلذلك رجحنا قول من صرف ذلك إلى الكفار.
أقول : وهذا من غرائبه. لأنه لا يوجد أحد من البشر يحسب أن ماله أخلده. لوضوح أن المال لا يدفع الموت الذي لا بد منه. والمتكلم لا يقصده والسامع ينبغي أن لا يفهم ذلك. إذن فلا توجد قرينة على الاختصاص بالكفار.
وعلى أي حال ، ينبغي أن نؤول الآية بعد سقوط الدلالة المطابقية. وستكون هذه الوجوه عامة للمسلمين والكفار. ونقول : إنه يمكن أن يراد بها أحد أمور :
__________________
(١) تنزيه القرآن عن المطاعن / سورة الهمزة.