فمثلا ، قد يكون ما ذكرناه في الأطروحة الثانية متعددا ، بحيث يصلح أن يكون عدة أطروحات : اثنتان أو أكثر ، كما قد تكون أطروحة الشريف الرضي متعذرة ، فمثلا ، لا يمكن القول : السورة التي ذكر فيها الممتحنة ، لأن هذا اللفظ غير موجود في السورة.
وكذلك ، قد يصعب تسمية السورة بألفاظها الأولى ، باعتبار اشتراك أكثر من سورة بنفس الألفاظ كسورتي الملك والفرقان ، وسورتي الكهف والأنعام ، وسورتي الجمعة والتغابن.
وعلى أي حال ، فقد أعطيت عناية خاصة في أول كل سورة ، للفحص عن التسمية بمثل هذه الأطروحات. وهذا مما أغفله الكثير ، بل الجميع.
ـ ١٢ ـ
ومما ينبغي الإلماع إليه ، أنني بطبعي لا أميل إلى الأخذ بروايات موارد النزول وأسبابه. فإنها جميعا ضعيفة السند وغير مؤكدة الصحة. بالرغم من بعض اهتمام بعض المؤلفين بها كالسيوطي وغيره.
وإنما المهم في نظري ، كما ينبغي أن يكون هو المهم في نظر الجميع : إن كل آية من آيات الكتاب الكريم تعد قاعدة عامة ومنهج حياة وأسلوب سلوك ، قابل للانطباق على جميع المستويات وعلى جميع المجتمعات. بل على جميع الأجيال بل كل الخلق أجمعين. فإن القرآن هو خلاصة القوانين والمعارف المطبقة فعلا في الكون والموجودة في أذهان الأولياء والراسخين في العلم.
وهذا واضح من جميع القرآن ، وظهور القرآن حجة ، غير أننا نستطيع بهذا الصدد الاستدلال بالأخبار (١) الدالة على أن القرآن يجري في الناس مجرى الشمس والقمر. وأنه لو نزل بقوم ومات أولئك القوم لمات القرآن. ولكنه حي لا يموت لأنه نازل من الحي الذي لا يموت.
__________________
(١) البحار ج ٣٥ ، ص ٤٠٤.