التهويل والتشديد في النفي. ولكن ـ حسب فهمي ـ إن تشديد النفي في المرتبة الأسبق ويستفاد منه التهويل في المرتبة اللاحقة. فيكون أحدهما بالدلالة المطابقية ، والآخر بالدلالة الالتزامية.
قوله تعالى : (لَيُنْبَذَنَ).
قال صاحب الميزان (١) : اللام للقسم.
أقول : إنما تكون اللام للقسم إذا كان القسم موجودا ، كقولنا : والله لتفعلن. وأما إذا كان السياق خاليا منه ، فلا تكون كذلك ، بل هي للتأكيد. وهي لام تدخل على الأسماء فتسمى لام الابتداء. وتدخل على الأفعال فتسمى لام القسم ، مجازا ، لا حقيقة ، لعدم الإشعار بالقسم ، كما قلنا.
ونون التوكيد في : لينبذنّ ، لزيادة التأكيد. بل يمكن القول : إن دخول اللام على الفعل يصحبه دخول النون عليه ، فهما متلازمان في القرآن الكريم : لتسمعنّ (٢) ، ليخرجنّ (٣) ، لتبلونّ (٤) ، لتبيّننّه (٥).
هذا من الجهة النحوية.
وأما الجهة اللغوية : قال الراغب (٦) : النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به. ولذلك يقال : نبذته نبذ النعل الخلق. وقال صاحب الميزان (٧) : النبذ : القذف والطرح.
أقول : فيكون المعنى : ليقذفن في الحطمة. وفيه إشعار بالذلة والصّغار. وهذا إنما يستفاد من التأكيدات في لينبذنّ ، أو من السياق العام. لأنه تعالى قال : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ). إذن فهذا الوهم وهو
__________________
(١) المصدر والصفحة.
(٢) آل عمران / ١٨٦.
(٣) النور / ٥٣.
(٤) آل عمران / ١٨٦.
(٥) آل عمران / ١٨٧.
(٦) المفردات مادة «نبذ».
(٧) ج ٢٠ ، ص ٣٥٩.