سؤال : إن ظاهر القرآن الكريم في عدد من آياته ، وفي هذه السورة أيضا أن جهنم مخلوقة. وظاهر القرآن حجة. فمثلا قوله : الحطمة ، يعني حاطمة فعلا. وقوله : الموقدة يعني هي كذلك فعلا. ونحوه في قوله : (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ). فإن كانت كذلك ، فما الحكمة من وجودها الآن؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إنها قد أوجدها لإبراز قدرته سبحانه. وهذه إحدى النظريات العامة أيضا في الحكمة من وجود الخلق كله.
ومعه فلا حاجة إلى تأجيل إيجادها إلى الزمن اللاحق ، لأن الغرض منه ليس هو إحراق الظالمين فقط ، بل إبراز القدرة.
الوجه الثاني : إن العقوبة والمثوبة غير خاصة بالبشر ، بل هي عامة لكل الخلق المدرك. كما ورد (١) : إن الله سبحانه قد خلق قبل البشرية ألف ألف آدم وألف ألف عالم.
وآدم ، هو أي ذات مدركة وعاقلة. فيذهب المطيعون إلى الجنان والعاصون إلى النيران.
فإن قلت : إن يوم القيامة واحد ، وليس بمتعدد ، كما هو مقرر في علم الكلام ، وعليه ظاهر القرآن.
قلت : نعم ، هو ذلك ، ولكن يراد بقوله (٢) : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) : الحشر لكل نسل آدمي سويّة. ولا يراد به كل المخلوقات اللانهائية. ففي الإمكان القول ـ كأطروحة ـ إن لكل نسل قيامته الخاصة به.
فإن قلت : إن قوله : الموقدة ، صفة نحويا وقيد أصوليا ، والقيد ليس مفهوما استقلاليا في التصور. فلا يكون بمنزلة الإخبار عن أنها موقدة فعلا.
__________________
(١) انظر الخصال ص ٢٥٦ ، والتوحيد للصدوق ، ص ٣٧٧.
(٢) الأنعام / ٢٢ ، ويونس / ٢٨.