قلت : جوابه من عدة وجوه :
الوجه الأول : ما قلناه في علم الأصول من أن القيد ، وإن كان مندكا في المقيد تصورا وعقلا ، إلّا أن له نحوا من الاستقلال العرفي ، بحيث يعتبره العرف كاذبا إذا لم يكن مطابقا للواقع ، مع كون هذا الاعتبار لاغيا حال اندكاكه في المقيد.
الوجه الثاني : إن الحكمة ليست منحصرة في جهنم من حيث كونها عقوبة ، بل الحكمة من وجودها متعددة وليست واحدة ، ومن ذلك كونها لإظهار قدرة الله تعالى. فيتعين وجودها الفعلي.
الوجه الثالث : إننا نستفيد ذلك من القرائن السياقية اللفظية في الآية الكريمة. وهي الإطلاق الأزماني الشامل لكل الأزمان الثلاثة : الماضي والحاضر والمستقبل.
سؤال : كيف تطلع النار على الأفئدة؟
جوابه : إنه يكون من عدة وجوه محتملة :
الوجه الأول : ما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله (١) من : إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. وورد أيضا (٢) : نيّة المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله.
ويتحصل من ذلك : إن العمل الحقيقي أمام الله سبحانه هو الأعمال القلبية أو النفسية وليست هي الأعمال الظاهرية ، وعندئذ نقول : إن جهنم تكون عقوبة على القلوب المنحرفة والنوايا الباطلة والمضلة. فهي عقوبة للأفئدة والقلوب وليست للأجسام.
الوجه الثاني : ما ذكره السيد الشريف الرضي قدسسره في كتابه «تلخيص البيان» (٣) : من أن آلامها ونفثه يصل إلى القلوب.
__________________
(١) انظر مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢٩٩.
(٢) الوسائل ، ج ١ ، ص ٣٥.
(٣) انظر ص ٢٨٤.