أيضا صادقة : وهي التي دلت على أن الشر هو المركوز. وهو قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ). فأحدهما ناظر إلى جانب ، والآخر ناظر إلى الجانب الآخر.
ثانيا : إن الأصل الأول للخلقة هي الروح العليا ، وهي خير لا شر فيه. فالأصل إذن هو الخير. ولكن هذا الخير يقترن بشر في المرتبة المتأخرة عنه. ولكن ذلك ، في نفس الوقت متحقق في المرتبة المتقدمة على الحياة الدنيا. فتكون الحياة الدنيا مبتلاة بخير سابق عنها وبشر أسبق منها. وإن كان الخير أسبق في نفسه من الشر.
أما كون الإنسان مخلوق على الخير ، فباعتبار الروح العليا ، وأما كونه على الشر ، فبتقريبين :
التقريب الأول : إن الشر لا يحتاج في وجوده إلى عمل الشر ، بل يكفي فيه عدم عمل الخير. فإذا لم يعمل الإنسان الصالحات ، فهو على شر. فالإنسان إما أن يعمل الصالحات أو يعمل الشر أو لا يعمل شيئا. فالأول هو الناجي والآخران هالكان. ومحل الشاهد : إن الروح الخيرة الأساسية لا تنفع. فإنها لو كان نافعة لأثرت بحالة الوسط وهي عدم فعل الشر. مع أنه غير كاف في النجاة. وإنما ينبغي أن يقترن المقتضي الأساسي للخير ، بالمقتضي الأساسي للعمل. وهو عمل الصالحات ، لكي تحصل النجاة.
التقريب الثاني : إن الفطرة الأصلية للإنسان وإن كانت صالحة ، فمقتضى الهداية موجودة فيه تكوينا. إلّا أن المقتضى لا يؤثر إلّا مع عدم المانع. وهو مواكبة العمل مع الفطرة. وأما إذا حصل المانع لم تحصل النجاة. ولذا قيل : ما سلككم في سقر.
وهذا مانع عدمي ، يعني إذا لم يعمل فهو على شر ، ولا يتعين أن يعمل الشر ... مضافا إلى ارتكاز الشر أيضا في نفسه. فالمانع أصلي أيضا. وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة : إن الإنسان لفي خسر.
سؤال : لما ذا استعمل حرف الجر : في قوله : في خسر. ولم يقل : على