سواء كان في الجنة أو في النار.
وجوابه : إن الفرد إذا مشى في طريق الحق واليقين : فهو يربح نفسه. كما ورد (١) : من عرف نفسه فقد عرف ربّه. وذلك بأن يعرف نفسه الحقيقية وروحه العليا. وأما إذا مشى في طريق الدنيا والشهوات ، فإنه يخسر نفسه ، أي يبقى جاهلا بحقائق نفسه وروحه وملكاته الواقعية.
وشيء آخر ينفع للإيضاح في المقام ، وهو أن بعض الماديين قالوا : إن تبدل الإنسان من شخصية إلى شخصية أو قل : من أسلوب حياتي إلى أسلوب حياتي آخر ، صعب بمنزلة المستحيل. وأنا أعتقد أنه صعب وليس بمستحيل. فالذي يغيّر عمله تتغير شخصيته بالتأكيد. فيكون معنى الذين خسروا أنفسهم أي خسروا جانب الصلاح في أنفسهم. أو قل : الشخصية الصحيحة والحقة والتي تتصف بالإخلاص واليقين.
الوجه الخامس : ما اختاره صاحب الميزان (٢) ، من أنه جعل نكرة للتهويل والتعظيم. يعني أنه لو كان بالألف واللام لما أفاد ذلك.
وهذا قابل للمناقشة ، لأن التنكير نص أو كالنص بالوحدة ، فيكون ظاهرا ، بما تقتضيه الجزئية أو المهملة على الأقل. ومن الواضح أن الموجبة الكلية أهم منها. لأن محصلها : أنه حائز على كل خسران ، فيكون أعظم وأشدّ هولا.
وبتعبير آخر : إن التنكير لا يراد به الجنس ، بل الواحد. وهذا يحتاج في تتميمه إلى ضم فكرة أخرى نقول : إن الخسر الواحد أهم من الخسر المتعدد. وهذا غير معقول. فأين التهويل والتعظيم؟ فهذا الوجه ساقط. فلو كان هو الوجه الوحيد كان على خلاف الحكمة.
سؤال : الاستثناء المذكور في السورة ، وهو قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ). لا يدل على أن المؤمنين الموصوفين بهذه الصفات في
__________________
(١) البحار ج ٢ ، ص ٣٢ ، عن مصباح الشريعة.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٥٦.