ربح. مع أن الاستثناء إنما سيق لمدحهم ببيان مضادة حالهم لحال من لم يتناوله الاستثناء. فكيف حصل ذلك؟
جوابه : إن الاستثناء وإن لم يدل بصراحة على أنهم رابحون. ولكن اتصافهم بتلك الصفات الأربع الشريفة يدل على أنهم في أعظم ربح. مع أننا لو فرضنا أنهم ليسوا بربح. فالمضادة حاصلة أيضا ، لأنهم ليسوا في خسر بمقتضى الاستثناء.
وبتعبير آخر : إن المدلول اللفظي ليس إلّا استثناؤهم من الخسر. وليس لبيان أنهم في ربح. كل ما في الأمر ، أنه يمكن أن نستدل نظريا على أنهم في ربح ، بوجوه :
أولا : لما قاله هناك من اتصافهم بهذه الصفات العظيمة وهي أنهم : آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
ثانيا : الملازمة في الارتكاز المتشرعي بين عدم الخسران والربح. لأن الأمر دائر بين الثواب والعقاب ، أو بين دخول الجنة ودخول النار. ولا وسط بينهما. فإذا لم يكونوا في خسر ، بمقتضى الاستثناء ، فهم في ربح.
ثالثا : إن هذه الأعمال مقدمة للربح. والله تعالى أكرم من أن يحجب عنهم مطلوبهم. فيكونون رابحين لا محالة. وهذا هو الأقرب إلى ظاهر الآية ، لأنها واضحة في إعطاء الطريق والمنهج للخروج من الخسر الأساسي إلى الربح الأساسي ، وانحصار الطريق به. وهذا هو هدف السورة.
سؤال : ما معنى الحق ، في قوله تعالى : (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ؟).
جوابه : معناه أحد الأمور :
الأمر الأول : إنه عمل الصالحات المشار إليه بالآية ، ويكون قرينة عليه.
إن قلت : إذن يكون بمنزلة التكرار.
قلت : كلا ، لأن القصد يختلف في الجهتين. فالأول العمل لنفسه ، والآخر الإيصاء لغيره بالعمل الصالح.